12 سبتمبر 2025

تسجيل

مريضة سرطان

23 مارس 2021

فتاة صُدمت من إعلامها بأنها مُصابة بمرض السرطان، وأنها ستُغادر هذه الحياة على غير ما قامت بالتخطيط له من أحلام وأهداف، فماذا قالت هذه الفتاة؟ إنه لأمر غريب أنك قد أدركت وتتقبل أمر المرض، وأنك سوف تُغادر قريباً، وأنت ما زلت في السادسة والعشرين من العُمر!. لقد تخيلت نفسي بأني سأتقدم في العمر وترسم التجاعيد ملامح وجهي ويغزو الشعر الفضي رأسي، وتخيلت حياتي الزوجية، كم أُريد ذلك الآن وبشدة! إن هذا مؤلم. إن هذه الحياة هشة وثمينة ولا يُمكن التنبؤ بها وإن كل يوم فيها هو بمثابة هبة أخرى، ووجود العائلة والأصدقاء حولي هبة، لا أريد الرحيل!. أريد من الناس أن يتوقفوا عن القلق ويتيقنوا بأننا جميعاً مُغادرون وأن العمر قصير، فلماذا كل هذا القلق وتحميل الذات الكثير؟ لماذا التذمر من كل أمر أو تعظيم المشكلات الصغيرة والتافهة؟، لماذا يُضيع الناس أوقاتهم في كل ذلك وتضييع لحظات الفرح من حياتهم؟!. الحياة نعمة وجديرة أن تُعاش بعيداً عن الهراء. كُن ايجابياً وانشر الايجابية، ابتعد عن كل تفكير سلبي وابحث عن كل ما هو إيجابي، لا بأس أن تعترف بأن أمراً ما يُزعجك ولكن لا تستمر في التفكير به وتجعله يستحوذ عليك!. قد تكون تعرضت لحادث سيئ اليوم أو لم تنم جيداً، أو قد تكون مستاء من وزنك وترهلات جسدك، وقد يكون الصالون قد أفسد قصة شعرك، كل ذلك هُراء لا يستحق أن تضيع لحظات حياتك في التفكير بها فارم بها بعيداً. ‏أقسم لك بأنك لن تفكر بكل ذلك إطلاقاً عندما تعلم بأن دورك في الرحيل قد حان وإن هذه الأمور المُقلقة لم تكن شيئاً بالنسبة للحياة التي تملكها. كنت أسعى لأن اعيش حياة صحية وكان ذلك شغفي، والآن أرى جسدي تصيبه النحافة دون أن أستطيع أن أصنع له شيئاً والمرض يسيطر عليه، فاستغل صحتك وتمتع وابذل الجهد ولا تتذمر أو تكسل في ذلك فأنت مُذهل، وإن كنت تعاني من وزن غير مثالي فابدأ في حذف من تتابعهم في مواقع التواصل الاجتماعي، والذي يُعطيك شعوراً سيئاً عن نفسك وكن أنت صديقاً لنفسك وعش حياتك واستمتع بها. كن ممتناً لكل يوم لا تشعر فيه بالألم، واستشعر تلك النعمة واعمل على خدمة الآخرين دون مقابل فستجد السعادة تتغلغل إلى داخلك. لا تبخل على نفسك واستخدم أموالك لخوض المغامرات أو على الأقل لا تتسبب بحرمان نفسك، وابحث عن كل ما يُسعدك وتوقف عن إنفاق كل أموالك لشراء أشياء مادية تافهة. توقف عن إمساك الهاتف وقضاء الساعات أمام الشاشة، وعش حياتك مع عائلتك، مع أصدقائك، مع نفسك، توقف عن إشغال نفسك في صنع ما يعجب الآخرين!. تواصل مع الجميع، كن محباً كُن معطاءً، اترك لك في هذه الحياة أثرا يُسعد الناس أو عملاً يُستفاد منه. بعد بضع ساعات على كتابة هذه الرسالة رحلت الفتاة (هولي). اختصرت لكم قصة الفتاة ومُغادرتها الحياة، وهي في السابعة والعشرين من عمرها، وتثمينها لكل دقيقة في حياتها، وذلك عندما رأت عقارب الساعة تُشير إلى ما تبقى لها من عمر "طبياً". فكم بيننا من يُؤخر لحظات سعادته ويبتعد عن كل أمر يُسعده وذلك بإشغال تفكيره بكُل حدث وقع معه وتحليل وتفصيل كُل حدث. كم منا يقضي ساعات في العمل واضعاً هدف تجميع المال والادخار فاقداً سنين من عمره لم يقضها مع عائلته وأبنائه!. أحداث صغيرة قد تكون حدثت معك في سفر فتفقد متعة السفر لأنك جعلت هذا الأمر يلازمك ويشغلك حتى العودة!. خلاف في وجهات النظر وعصبية مفرطة جعلت إخواناً يفقدون ولا يتحدثون لبعضهم سنين وقد يمتد ذلك لآخر العمر!. كثيراً منا لم يستشعر نعمة الحياة ونعمة الصحة ونعمة العمل عند استيقاظه في الصباح، فالاستشعار بتلك النعم هي سعادة بحد ذاتها. قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا) رواه البخاري. فأين نحنُ من هذا الحديث؟. أخيراً الحياة هي مُجرد لحظة فاستمتع بكل لحظة وكأنها آخر لحظة، وابتعد عن التفكير في كل سوء، وكأنك على علم أن هذا السوء سيرافقك حتى آخر عمرك إن أعطيته مجالاً!. مع الشكر bosuodaa@