12 سبتمبر 2025
تسجيلعلى الرغم من أن الفجر قد قضم قضمته الأولى من هذا اليوم، إلا أن الدنيا من حولي لا تزال نائمة، ولا يوجد ما يدل على أنها على قيد الحياة، ومن وجهة نظري، فإن ما يُبرر ذلك هو أن اليوم عطلة يتعطل فيها الجميع؛ لتمتد ساعات النوم لسويعات قادرة على مسح ما كان من الأمس مهما كانت قوته، التي لن تدوم؛ لتسمح له بممارسة ضغطه علينا في يوم جديد، وهو ما لن يكون ليس لوجود قوة نتمتع بها، بل لوجود رب كريم يُغير الأحوال من حال إلى حال؛ ليؤكد لنا بذلك أن ما يمكن بأن نُمسي عليه، يمكن بأن نُصبح دونه، والعكس وارد وصحيح، والأمل بالله وحده، مما يعني وبكلمات أخرى أن الله معنا، وإن تخلى عنا الجميع. يقول الله في كتابه العزيز (ادْعُوِني أسْتَجِبْ لَكُمْ) والحق أن في الدعاء نداء وعد الله بأن يستجيب له، دون تأخير بإذنه، وهو ما لا يكون إلا من رب العباد، الذي نجده في أي مكان نكون، وكل ما علينا فعله هو اللجوء إليه بقلبٍ صادق لا يرجو سواه، فمن عقد تلك الصفقة مع الله، واعتمد عليه وحده في حياته لن يشعر بالوحدة أبداً، ولن يغلب عليه الحزن أبداً، بل سيكون في نعمة لن يدركها إلا معه وفي جواره، وما يمكنني تقديمه لكم أيها الأحبة من خلال كل ما قد سبق، هو أن أهم علاقة نحتاج فيها إلى طرف آخر نطرح عليه كل ما يجوب أعماقنا؛ كي يجمعنا كلاً وبعضاً هو الله، الذي لن نُسلم لسواه، ويتوجب علينا المحافظة على علاقتنا الطيبة به على الدوام، فهو من لن نعود من عنده إلا ونحن على وفاق وهذه الدنيا (اللهم آمين).إن الحياة بتواجد تلك العلاقة الروحانية ستبدو طبيعية وبصحة جيدة، فهي الأساس الذي يمكن بأن نبني عليه حياتنا من بعد وذلك؛ بفضل النور الذي سينبثق منها وسيُمكننا من رؤية كل ما هو حولنا وكما يجب، وحين نقول (ما حولنا) فهو ما يشمل الأشياء والأفراد وما يجمعنا بهم من علاقات سنتطرق إليها وإلى كيفية المحافظة عليها بإذن الله تعالى من خلال التالي: إن ما تعلمناه منذ الصغر هو أن العبادة تُقربنا من الله وإليه، وبحكم أعمارنا الصغيرة فلقد غلب علينا أن العبادة تكون بالصلاة بحكم أنها ركن من أركان الإسلام، والحق أننا لن نختلف على حقيقة أنها فعلاً تُقربنا إلى الله وتجعلنا في حالة خاصة ننفصل بها عن العباد؛ لنجتمع برب العباد، الذي كلما اقتربنا منه اقترب منا وأعطانا من حيث لا نعلم وهو علام الغيوب، ولكن لا تقف العبادة هناك فهي ممتدة إلى كل عمل نقوم به لوجه الله، ويجدر بنا بذله بإخلاص تام، وما لفت انتباهي أن تعاملنا مع الآخرين والعمل على إصلاح ما بيننا من علاقات يتطلب (إخلاصنا التام) فيه من العبادة ما يجدر بنا التفكير به كثيراً؛ لأن حياتنا دونها تلك العلاقات الطيبة أياً كانت صبغتها تحتاج لعمل جاد يحافظ على قوامها دون أن ينهار، وهو ما يمكننا فعله بالاعتماد على الله سبحانه وتعالى، والامتثال لكل ما جاء في كتابه وسنة نبيه الحبيب المصطفى محمد — صلى الله عليه وسلم — ويتعلق بالعلاقات والتعامل الحسن، الذي يحافظ عليها طويلاً، دون أن يسمح بدمارها، أو حتى تأثرها وإن كان ذلك بدرجة بسيطة قد لا تظهر للعيان، ولكنها تظل هناك.هناك من يعتقد أن تحسين علاقاته بالآخرين خطوة تعتمد على رغبته بتحقيق ذلك، والحق أن تحقيق هذه الخطوة يعتمد على حُسن علاقته بالله، التي وكلما تحسنت صار قريباً من الآخرين وإلى قلوبهم، وهو الأمر الذي يغيب عن بعض الأذهان، التي تحتاج لمن يوجهها نحو هذه الحقيقة، التي ومن أجلها فلقد حرصنا على طرح هذا الموضوع، الذي يتناول كيفية إصلاح علاقتنا بالآخرين؛ كي نتجنب الوحدة، وبما أنه الموضوع الذي يشغلكم فيشرفنا بأن نُسلط الضوء عليه؛ لذا إليكم ما هو لكم أصلاً.من همسات الزاوية لا تطل الوحدة على أي قلب؛ كي تُمسك به من كل الزوايا وتُعلن تسلطها عليه إلا إن كان خالياً من الحب، والحب الذي تحتاج إليه؛ كي تُبعد تلك الوحدة عنك هو حب الله أولاً، وحب الآخرين في سبيله من بعد ذلك، فإن حرصت على تعمير قلبك بحب الله فلاشك أنك لن تتذوق سواها السعادة.