15 سبتمبر 2025
تسجيلهل فكر أحدكم يوماً أنه فعلاً مُراقب، وإن لم يكن شخصية عامة مشهورة ولا سياسية ولا مستهدفة؟ نعم فالجميع مُراقب مهما كنتَ صغيراً أم كبيراً، تشغل وظيفة عادية أو حساسة، وأينما كنت ومع من تكون فأنت مراقب، ولا أقصد المراقبة الأمنية هنا، بل مراقبة الناس لك ولتصرفاتك وأفعالك في أي مكان تكون به. بعد أن أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من حياتنا، أصبحت حياتنا مكشوفة على الآخرين، وانعدمت الخصوصية، فأصبحنا لا شعورياً نوّثق كل تحركاتنا والأماكن التي نكون بها ومن بصحبتنا وننشرها عبر الشبكات، أصبحت أفكارنا ومشاعرنا متاحة للآخرين وبسهولة يمكن معرفة وضع مزاجك إن كنت سعيداً أم حزيناً أم مكسوراً، وربما أحدهم يتعاطف معك بكلمة طيبة والغالبية سيعّلقون على ما تنشر وربما يتشمتون بصمت ويتناقلون حالتك مع أصدقائهم دون علمك وتكون حديث المجالس، البعض يدقق ويفسر كل كلمة تكتبها ويحاول في خياله نسج قصص حول ما بين السطور في كلماتك أو تغريداتك ومحاولة اكتشاف من المقصود، وقد يتسبب بأذى لك، لأنه ذهبَ لأحدهم ووشى بأنه هو المقصود، وبذلك يَخلق عداوة بينكما مبنية على افتراض، لا سيما وأن (المُتسببين) عليك كما نقولها بالعامي كُثر وهم حولك ولا تشعر بهم. هناك مراقبة من نوع آخر تتوجب عليك الانتباه لتصرفاتك أينما كنت، وهي مراقبة البشر لك، فقد تكون في مطار، جامعة، مطعم، طريق عام، سيارة، محلات تجارية وغيرها من الأماكن وتتصرف بطبيعتك ولكنك تثير فضول الآخرين مما يجعلهم يراقبونك، فقد تكون طريقة أكلك غير لطيفة فينتبه لك الآخرون، وربما صوتك عالٍ وأنت تروي قصص بطولاتك، أو ربما تشاهد مقاطع فيديو أو تتابع سنابات أحدهم بصوت مرتفع فيراقب أحدهم تصرفاتك، قد تتصرف تصرفات غير لائقة مع الجرسون في المطعم، أو تقوم بتصرف خال من الأدب، وربما تقوم بتصرف غير مقبول في كافيه، كأن تُرضع أم طفلها وهي على طاولة الطعام وزوجها يساعدها على ذلك دون حرج وإن كانت تضع خماراً يغطيها، فالمكان غير مناسب لمثل هذا التصرف، وكان يمكنها البحث عن مكان هادئ بعيدا عن أعين الناس وليس بين طاولات الكافيه المزدحم!. تصرفاتنا تعكس ثقافتنا وأخلاقنا ومبادئنا، وكلما كانت تصرفاتنا محسوبة في الأماكن العامة قل النقد علينا، ولم نخضع لمراقبة الناس الذين يدفعهم فضولهم أحياناً للبحث عن هويتك ومن تكون، لأنك قمت بتصّرف مشين أو لافت للنظر، وبعدها لن يتركوك في حالك وستكون قصة الموسم في المجالس!. هذا بالإضافة إلى أن ما تقوم به قد يتم توثيقه دون علمك وتداوله عبر شبكات التواصل الاجتماعي (وإن كان ذلك يعّرض الشخص للمساءلة القانونية وفقاً لقوانين البلد)، ولكن الحذر واجب في كل ما نقوم به ونحن خارج المنزل، وعندما تجلس في مكان عام تأكد من حولك، وأن قصصك لن يسمعها إلاّ من معك، فعندما يكون صوتك عالياً سيعرف من حولك مأساتك وسيسمع نميمتك على فلان أو علاّن، وسيعرف مخططاتك القادمة، فانتبه لتصرفاتك ولا تتصرف وكأنك في البيت ولا أحد بجانبك على اعتبار أنها حرية شخصية. أبناؤك أيضاً مراقبون، فعندما تجلس في أحد المطاعم والأماكن العامة مع أصدقائك وتتجاهل ما يفعله أبناؤك من إزعاج للآخرين فأنت مراقب، أو يكون المكان هادئاً وتأتي بطفل لا يكف عن الصراخ أو الصياح أو اللعب بألعاب لا تصلح لهذا المكان فأنت مُنتقد وأنت تنتهك حرية الآخرين، ولهذا عليك أن تنتبه لتصرفات أبنائك عندما تكون في مكان عام ولا تستمتع بوقتك على حساب الآخرين الذين يتأذون من إزعاج أبنائك. • مراقبة تصرفاتنا واجب محّتم علينا، حتى لا نتعرض للنقد ولا نزعج الآخرين، فنحن أحرار ولكننا لا نعيش في العالم بمفردنا وعلينا احترام الآخرين. • تصرفاتك تعكس أخلاقك، فأنت تحدد ما يظهر للآخرين منك. [email protected] amalabdulmalik@