13 سبتمبر 2025

تسجيل

أزمة غياب القيادة

22 نوفمبر 2017

تمر منطقة الشرق الأوسط وحتى المجتمع الدولي بأزمة قيادية تتمثل في غياب أي لاعب مؤثر أو لاعبين مؤثرين لقيادة العالم، وينطبق الأمر ذاته على الشرق الأوسط، حيث الفراغ القيادي الذي لا يستطيع أي من الفاعلين الدوليين ملئه.  فبعد أن كان للولايات المتحدة الأمريكية دور قيادي وبغض النظر عن مدى ايجابية او سلبية هذا الدور، إلا أنه من المؤكد أنه آخذ في الانحسار، بسبب النهج القومي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب و"أمريكا أولاً". كما أن الإدارة الأمريكية الحالية تعيش حالة من عدم الانسجام مما يجعل التنبؤ بأي خطوات مستقبلية مستحيلا. أما أوروبا فمن الصعب أن تأخذ دولة بعينها دورا قياديا بسبب التحديات الداخلية المتمثلة بالاقتصاد والوضع السياسي، ولكن في الوقت ذاته هنالك دول أوروبية ـ مجتمعة ـ يمكنها خلق شيء من التوازن في أوروبا وعلى مستوى العالم، لكن من الصعب أن نتوقع ان تأخذ دولة ما زمام المبادرة وحدها في التحديات والأزمات الدولية.  أما على صعيد الشرق الأوسط فنحن في أزمة حقيقية، لا تتمثل في فراغ القيادة وغياب أي دور قيادي في المنطقة فحسب، بل نحن أيضا امام قيادات متهورة تتعامل مع الأزمات برعونة واستهتار، تفتقد حساب التبعات والمخاطر الناجمة عن سياسات لا تمتلك بعداً أو تكتيكا سليما. ناهيك عن المطامع والطموحات التوسعية لبعض الدول التي لا تتوانى فيها عن استخدام القوة، فاستخدام القوة يبدو الحل الأسهل في وقت غابت فيه الحنكة الدبلوماسية، والعقلانية، والتفاوض ومبادئ حل النزاعات، فكانت محاولات الاستخدام المسرف وغير المبرر للقوة هي الحل الأمثل لتلك الدول، بينما في الواقع استخدام القوة بالإضافة الى التهور هو الوصفة المثلى لمزيد من الاستقرار.  غياب القيادة في الشرق الأوسط يعني ستظل المنطقة مشتعلة بالأزمات، ويجعلها تبدو أسهل تقسيماً بحسب المصالح الدولية، كما أن بغياب القيادة وبوجود قيادات تشعل أزمات وحتى حروبا جديدة في المنطقة ينم عن مغامرة سياسية خاسرة، فما يحتاجه الشرق الأوسط إخماد الحرائق المشتعلة، وليس إشعال بؤر جديدة للصراعات، كما أن الأوضاع الأمنية المتذبذبة في العديد من المناطق سوف تشهد انحدارا أمنياً أكثر، ففراغ السلطة والفراغ السياسي الذي تصنعه الحروب قد يُملأ من قبل الجماعات الارهابية، وكما هو معروف الأزمات والحروب تعد بيئة خصبة لنمو الجماعات الإرهابية والمتطرفة وبزوغ أخرى جديدة، كما حصل سابقا في أفغانستان والعراق.  لا يمكن أن تستتب الصراعات في الشرق الأوسط دون وجود قيادة تعي تبعات سياستها، حتى ذلك الحين فيبدو أننا ننظر لشرق أوسط وعالم محفوف بالمخاطر والمغامرات.