11 سبتمبر 2025
تسجيلالمال العام أو المظلوم أو المجني عليه سَمّه ما شئت فهو من أكثر الأموال المُستباحة في عالمنا العربي.. وقد يتنافس الكثيرون على أخذه وبطرق شتى وأساليب مختلفة قد تكون ملتوية وتلبس عباءة القانون أو الدين أو الحرص على المصلحة العامة.. بسبب قناعات لدى البعض قد تكون مُتأصلة في المجتمع بأن هذا المال يشتركون في ملكيته ومن حقهم أن يأخذوا منه كلما سنحت الظروف لذلك وتهيأت الفرص المناسبة للانقضاض عليه فمال الدولة مباح ودمه مهدور دون النظر للاعتبارات الدينية ولا حتى الأخلاقية!! وعادةً يكون ذلك تحت مظلة مصلحة الوطن أو لأجل الوطن، فالبعض يتفنن في تبديد هذه النعمة التي يفتقدها الكثيرون ممن حولنا، هذه القوة المحركة لعجلة الحياة والتنمية ولولاها لتخلفت الدول والشعوب ولعاشت حياة البؤس والشقاء، والبعض قد يرى الدول نفسها تبدد هذا المال في أمور غير طائلة ولا تعود لا على الدول ولا على الشعوب من وجهة نظره بفائدة تذكر وقد يكون مخطئا أو على صواب مجرد اقتراحات وأفكار عقيمة من أبو العريف الذي تعينه الدول كمستشار فالعالم العربي يجود بالكثيرين منهم.. فالهبات التي تمُنح للبعض وتمر من خلال القنوات المعروفة والتي يعمل بها الكثيرون تكون مُبررا لبعض ضعفاء النفوس بأن يأخذ أو يختلس المال العام ولسان حاله يقول لماذا فلان يعطونه لماذا لا آخذ مثله ما دام هو وأنا نحمل نفس الجنسية، فإذا كان أبا عن جد هنا فأنا كذلك.. ومن هذا المنظور الضَيّق يَزن الأمور ويبرر لنفسه الأمارة بالسوء السرقة والتي يراى انها ليست كذلك وهو في حقيقة الأمر مُخطئ، فالسرقة سرقة ولا تحتاج لمبررات وحجج واهيَّة.. حتى البعض عندما يسافر على نفقة الدول فإنه يُسرف كثيراً في الصرف ولا يترك أي بند مُتاح إلا واستغله أبشع استغلال حتى في الأكل يأكل لدرجة انه لا يقوى على التنفس والسير وعندما يحضر الاجتماع يغلب عليه النوم فَجُل الدم ذهب للهضم وترك المخ يتعرض للنعاس من قلته!! كذلك من المُلاحظ في العالم العربي ان بعض المسؤولين ممن يُوَلون على مصالح البلاد والعباد يتكسبون من خلال المنصب، ففي سنين معدودات يكونون ثروات ضخمة قد يكون بعضها مُسجلا بأسمائهم ولكن الجزء الأكبر بملكية أُناس آخرين تربطهم بهم صلة قرابة، فلا يوجد وزير ومدير إدارة دسمة لا يملك مجمعات أو يسكن قصورا، فليس الكل طبعاً وهذا ما بَيَّنه الربيع العربي وكشف لنا كثيرا من القصص وهذا الكم غير المسبوق من السرقات.. كما ان المسؤولين أحياناً قد يعلمون ان هذا المسؤول أو ذاك قد أسرف كثيراً في تحقيق الثراء السريع والذي لا يتماشى وراتبه فمن أين له كل هذا؟؟ هل نزلت عليه الثروة من السماء أم جلبها له من جلب عرش بلقيس لسيدنا سليمان مثلاً أو وجد كنزا في قاع المحيط؟؟ فقد يَغضُّون الطرف عنه أو مجرد تعرضه للعزل من المنصب دون استرجاع الأموال التي أخذها مما ساعد على تفشي هذه الظاهرة.. لكن يبقى الأمر المسلم به والذي ليس من كلام الفقير لله بل نزل به الروح الأمين من السماء إن كل إنسان ملزم طائره في عنقه ولا تزر وازرَةٍ وزّرَ أخرى وإنه سوف يُسأل من أين لك هذا؟؟ فإن هذه السرقات سوف تكون لها آثار مدمرة على الأسرة، فقد تهلك الحرث والنسل ولو بعد حين والإصابة بالأمراض وتُنزع البركة من كل شيء والتجارب من حولنا كثيرة، وآخر الكلام هل ننظر للمال العام بأنه أمانه لدينا نحن جميعاً ونحافظ عليه ونخاف عليه ونأخذ منه بالحسنى وحسب الحاجة التي تتماشى ومصلحة الوطن الآنية أو المستقبلية؟؟ ونُغلق كل أنابيب الشفط وخاصة في أوطان لم تقصر مع مواطنيها ولم تترك عليهم قاصرا لدرجة ان بعض الرواتب قد تجاوزت المائة ألف ريال!! أم هو طبع الإنسان طماع لا يملأ فاه إلا التراب.. كما ان المحافظة على المال العام وصرفه في القنوات المستحقة وتنميته من أجل الصمود أمام التقلبات الاقتصادية والنَّصاب العالمي الذي يستولي على الأموال بين فترة وأخرى ويفتعل الأزمات من أجل ذلك ونضوب الثروات المعدنية التي لن تبقى للأبد، كما ان ارتفاع وتيرة البيع لهذه الثروات وكأن المشتري سوف يهرب حتى أضحت بعض الدول لا تعرف أين تضع مردود كل هذه الأموال وأين تستثمرها وقد تستعجل بِزجها في مشاريع تَرَفيّه أو فوق مقدرة مواطنيها الاستيعابية أو في مشاريع في دول ليس فيها استقرار سياسي ولاضمان قانوني تحتكم إليه وأول ما يكون بينك وبينهم خلاف يستولون على هذه الاستثمارات. [email protected]