12 ديسمبر 2025
تسجيل• ثلاثة أخوة تجمعهم غرفتهم الدافئة وتتناثر ألعابهم على الأرفف، أحدهم يتصفح التيك توك، والآخر يلعب ألعاب الفيديو والثالث الأصغر سناً يترجاهما ليسّلفاه أجهزتهما ليلعب معهما، والأم في المطبخ تَعّد لهم طعاماً وبانتظار عودة الأب من الخارج ليتجمعوا على سفرة الطعام، وفجأة تهتز الأرض تحتهم وتدوي أصوات الانفجارات وتهرع الأم لتضم أولادها الثلاثة، وما كادت أن تصل إليهم لتقف القذائف حائلاً بينهم فينهدم البيت عليهم قبل أن تضم الأم أبناءها للمرة الأخيرة ليرتقوا شهداء إلى الله دون ذنب ولا سبب سوى أنهم أهالي غزة ويحلمون بحياة هادئة في أرضهم!. • شاب في الثانوية العامة متفوق وبانتظار امتحانات نهاية العام ليلتحق بكلية الطيران، فحلم والده أن يراه كابتن يقود الطائرة ويجوب العالم متوشحاً بالكوفية الفلسطينية ويعيش كالطير حُراً في السماء متنقلاً بين أراضي العالم ناشراً الحب والسلام، ولكن قذائف الصهاينة هدمت أحلامه فأردته شهيداً على أراضي غزة ليتعالى أنين والده وهو منكب على جثة ابنه الذي كان ينتظر لحظة الفرح بتخرجه في المدرسة ليقهره الصهاينة بتخرجه من الدنيا!. • أم تلملم أوراق عائلتها الثبوتية وتحشر أهم حاجياتها في حقيبة صغيرة لتأخذ أطفالها وتترك بيتها وذكرياتها فتفتح الخزانات بشكل جنوني وتتناثر الملابس وباقي أغراضها وقطع ذهب زفافها فتتساقط دموعها حسرة على حالها وحال أسرتها، وفي هذه الأثناء تضج السماء بقذائف الكيان الصهيوني فتركض مسرعة لتأخذ أبناءها وتخرجُ من المبنى فيتدافع أبناؤها الأربعة وتدفعهم للخروج بسرعة ويخرجون للشارع وتحاول الأم اللحاق بهم وهي تسحب حقيبة الأغراض المهمة فينهار المبنى عليها وتسقط جثة هامدة مستغيثة بيدها لأبنائها الذين شاهدوا لحظة استشهاد والدتهم التي كانت حريصة على تأمينهم أكثر من نفسها، فكيف لهؤلاء الأطفال أن يتجاوزوا المشهد المروع؟!. • طفل نائم بسلام وفجأة يفيق على دوي الانفجارات فيهرع إليه والده وينتشله من فراشه ويحمّله حقيبة على ظهره، فيصرخ الطفل خائفاً من الظلام ومن صوت القذائف في الوقت الذي يحاول الأب أخذ ما يمكن أخذه من المنزل وتأمين أسرته خارج المبنى فيتعالى صياح الطفل لا أريد أن أموت، لا أريد أن أموت، فكيف للأب أن يُهدئ روع ابنه وهو يتملكه الخوف على عائلته؟. • صحفي ينقل حقيقة الدمار في غزة ويحاول أن يُوصل الكارثة الإنسانية التي يعاني منها الأهالي في غزة، ويجري لقاءات مع الناجين من القصف فيتم قصف بيته دون إنذار وفي لحظة يفقد عائلته كاملة، فيصبح هو الخبر ويهرع ليبحث بين الأنقاض لربما وجدَ أحدهم ما زال حياً، ولكنهم للأسف ارتقوا شهداء وتركوه يصارع الألم ويستمرُ في نقل الحقيقة البشعة لعالم ماتت فيه الضمائر. • طفل لم يتجاوز السادسة من عمره شهَدَ لحظات القصف وتهالك البيت عليه وسمع صراخ أخوته وأمه وتغطى جسمه الناعم بالتراب ورائحة القذائف ووسط صمت الأموات عُثرَ عليه فاقداً القدرة على النطق، بل من هول صدمته لا يمكنه الرمش بعينه، فتجمدت عينا الطفل منذ اللحظة الأولى من هول الموقف وتملكّه الروع والفزع وتعرضَ لصدمة نفسية لا يمكنه حتى التعبير عنها فعجزَ الكبار عن تهدئته!. • دكتور مرابط في المستشفى منذ عدة أيام، يعمل ليل نهار في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الجرحى جراء القصف المستمر على غزة، تَعّود على رائحة الدم وأنين الجرحى خاصة بعد امتلاء المستشفيات بالجرحى فلم تعد أسّرة تسعهم فافترشوا الأرض، ولنفاد الأدوية والمعدات الصحية أصبحوا يعالجونهم دون مُخّدر مما يضاعف ألم الطبيب وآلام الجرحى، وبعد قصف عنيف على أحد الأحياء في غزة يأتي فوج جديد من الجرحى والشهداء للمستشفى ليفاجأ الطبيب بوالده وأخوته بين الضحايا فيسقط باكياً بحرقة على مُصابه!. • قصص لا تُعّد ولا تحصى لأهالي غزة الذين بعضهم استشهد والبعض الآخر يدُون اسمه على يده مستعداً للاستشهاد في أية لحظة ليرتاح من معاناة الذكريات وفقد الأهل، فلم يسلم الأطفال ولا كبار السن ولا النساء من هذه الوحشية المستمرة لأكثر من أسبوعين ولم يستطع المجتمع الدولي إيقاف الإبادة الجماعية التي استهدفت المنازل والمستشفيات بالمرضى والعاجزين، ووقف أهالي غزة بكل صمود وفخر وكرامة ليقدموا أرواحهم فداء أرضهم. • سنقف مع الحق في استرجاع الأراضي الفلسطينية لأهلها، وسندعم القضية الفلسطينية وأخوتنا في فلسطين وقد لا يكون بيدنا إلاّ الدعاء، فسنكثف هذا الدعاء.