13 سبتمبر 2025
تسجيلظلت وسائل الاعلام الغربية تقدم لنا دروسا في الموضوعية والحياد والاستقلال والمهنية، وفجأة ظهرت الحقائق واضحة، حيث تحولت هذه الوسائل إلى آلة للدعاية الاسرائيلية، تردد أكاذيب جيش الاحتلال دون نقد، أو بحث عن الحقيقة. كما ظهرت حقيقة مهمة هي تبعية هذه الوسائل للسلطات الغربية ؛ فرددت خطاب هذه السلطات، ونشرت معلومات زائفة، ولم تحاول تلك الوسائل أن تثور لكرامتها بعد أن كذب القادة الغربيون عليها، واستخدموها لإثارة مشاعر الجماهير الغربية بقصص مفبركة تهدف إلى تبرير الجرائم التى يرتكبها جيش الاحتلال الصهيونى ضد الانسانية.من أهم وسائل الاعلام الغربية شبكة ال بى بى سى التى كان يتطلع الصحفيون فى العالم لتغطيتها للأحداث كمثال للالتزام بأدبيات المهنة وأخلاقياتها، والاعتماد على أكثر من مصدر للتأكد من صحة المعلومة، لكنها يبدو أنها تناست كل ذلك فى تغطيتها للعدوان الاسرائيلى على غزة، فعملت على توفير أكبر فرصة لنشر الرواية الاسرائيلية للأحداث وتجاهلت الرواية الأخري، وقامت بنشر الأخبار الزائفة دون أية بذل جهد للتأكد من صحتها. كما قامت بتبرير المجازر التى يرتكبها جيش الاحتلال الاسرائيلي، ونشرت معلومات مضللة تبرر قصف المستشفيات وقتل المدنيين. أثار ذلك غضب الاعلاميين العرب الذين يعملون فى الشبكة الذين شعروا بأن الجماهير العربية أصبحت تنظر إليهم كمشاركين فى ارتكاب جريمة التضليل، وامتلك الصحفى التونسى بسام بوننى الشجاعة لتقديم استقالته من عمله كمراسل للهيئة فى شمال افريقيا بعد أن شعر أن تغطية شبكة ال بى بى سى يتناقض مع ضميره المهني. لكن لم يقتصر الأمر على هذه الشبكة، فكل وسائل الاعلام البريطانية شاركت فى القيام بحملة تجهيل الجماهير وتضليلها، وعملت لتبرير قيام اسرائيل بتبرير إبادة الفلسطينيين وتهجيرهم قسريا، حيث تبنت خطاب الحكومة البريطانية المؤيد لإسرائيل. وتكشف تغطية وسائل الاعلام البريطانية عنصرية الغرب، وأنه يتحيز لاسرائيل التى كانت نتيجة للمشروع الاستعماري، لذلك يتعامل الغرب بمعايير مزدوجة، حيث يشارك فى حصار غزة، وحرمان الفلسطينيين من الكهرباء والماء والطعام باعتبارهم كما يرى وزير الدفاع الاسرائيلى « حيوانات بشرية «، ولم تحاول أية وسيلة اعلام بريطانية الاعتراض على ذلك التوصيف العنصري. وكانت قصة « قطع رؤوس الأطفال « من أهم الأكاذيب التى رددتها وسائل الاعلام الغربية ؛ حيث احتل هذا الخبر الكاذب الصفحات الأولى للعديد من الصحف البريطانية، ولم تكلف نفسها نشر نفى تلك القصة، أو الاعتذار عنها بعد أن اتضح زيفها، ولم تتهم بايدن بالكذب على وسائل الاعلام، بعد أن أوضح البيت الأبيض أنه لم يطلع على صور أو مقاطع فيديو، وأنه ردد القصة المفبركة نقلا عن مكتب نتنياهو. وبذلك تصبح الصحافة الغربية شريكا فى عملية تضليل للرأى العام، حيث تقوم بحملة تجهيل للجماهير تهدف لتشويه صورة المقاومة الفلسطينية التى تكافح لتحرير أرضها. كما أن تلك الوسائل استخدمت حرب المصطلحات ضد الشعب الفلسطيني، وهى حرب لا تقل خطورة عن آلاف الأطنان من المتفجرات التى ألقتها الطائرات الاسرائيلية على غزة. وحرب الكلمات تستهدف السيطرة على العقول، وتوجيه الجماهير لتأييد المذابح التى يرتكبها جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين. وهذه الحرب التى يتم فيها استخدام وسائل الاعلام لفرض المصطلحات تشكل عارا على الصحفيين الذين يتم توظيفهم فى ادارة الصراع، وبذلك يفقدون حريتهم ودورهم فى الوفاء بحق جماهيرهم فى المعرفة. وتوضح حالة تعامل شبكة ال بى بى سى مع السفير الفلسطينى حسام زملط كيف يتم محاصرة الضيوف بأسئلة تهدف لإجبار الضيف على أن يقول ما لا يعتقد صحته، وهذا يتناقض مع أخلاقيات الاعلام، فمن حق الضيف أن يعبر عن رأيه بحرية، ووظيفة المذيع هى أن يسأل ليحصل على الحقيقة ؛ لا ليدفع الضيف لإدانة المقاومة الفلسطينية، واجباره على أن يقول كلاما يتناقض مع ضميره، أو ارهابه باتهامه بأنه يؤيد العنف، لكن خبرة حسام زملط فى التعامل مع وسائل الاعلام جعلته قادرا على رفض الوقوع فى الفخ، وتمكن من تقديم الحقيقة للشعوب الغربية.. لكن هناك الكثير من الضيوف الذين يفتقدون خبرة زملط، ولا يستطيعون التعامل مع وسائل الاعلام.