11 سبتمبر 2025
تسجيللا شيء يُحرك المرء بقدر ما تفعل حاجاته التي تُحدد له الاتجاه الذي يجدر به سلكه، ثم تُجبره على التفرغ التام؛ لفعل ذلك في سبيل تقليل الإلحاح الذي يكون منها (تلك الحاجات) ويبدو مُزعجاً ما لم يجد من يهتم به حتى يُنهيه؛ لينتهي معه كل شيء، والجميل أن تلك النهاية التي ستكون لا تعكس التوقف النهائي، بل التوقف المؤقت الذي ستلحق به بداية جديدة ولكن في مكان آخر سيشهد على ولادتها الطبيعية؛ ليكون من المرء كل ما كان يحلم به ويطمح إليه ولكن بشكل مُخالف للعادة ولكل ما سبق له وأن أدركه من قبل، والحق أن معايشة تلك اللحظات بكل ما فيها من تفاصيل عظيمة وذات شأن كبير ليس بالأمر المستحيل، فهو ما يعتمد وبشكل قاطع على المرء نفسه، وعلى ما يريده لنفسه، فإن كان منه ذاك الذي تحدثنا عنه آنفاً، فلاشك بأنه ما سيكون له وإن كان ذلك بعد حين. حقوقنا في هذه الحياة هي تلك التي نعيش من أجلها، ونموت من أجلها أيضاً؛ لذا فإن التفكير بها وبكل ما يُساعدنا على استردادها والحصول عليها كل الوقت ليس بذنب نكون قد اقترفناه حين نفكر بفعل ذلك فعلاً، ولكنه ذاك التوجه الذي يحمل في مقدمته تلك المهمة التي يجدر بنا القيام بها، وتكون بالمطالبة بما لنا من حقوق والجري من أجلها لمسافات طويلة وبعيدة لابد وأن تأخذنا وفي نهاية المطاف إلى خانة (الحاجات) التي ستُحركنا تماماً كما ذكرت آنفاً؛ ليحدث ومن بعد كل ما نُريده ونُخطط له، وهو ما يكون وسيكون حين نشعر بأن تلبية ما لنا من حقوق (حاجة مُلِحَة) لابد وأن نتفرغ وبشكلٍ تام؛ للالتفات إليها، ومن ثم التفكير بكل الحلول القادرة على استعادتها متى تم سلبها، أو الحصول عليها متى تم حجبها عنا، وبين هذا وذاك فإن كل ما يهمنا هو التفكير بضرورة الالتزام بما علينا فعله وبشكلٍ جاد لا يعاني من أي تقصير وذلك؛ لأن التقصير لا يمدنا إلا بالمحاولات المترهلة، التي تفقد قيمتها مع مرور الوقت؛ ليبدو كل ما قد فعلناه مترهلاً أيضاً ولا يستطيع التصدي لكل من يعيش على سلب ما لنا من حقوق؛ ليُصبح ومن بعد وجودنا كعدمه مما يعني أن ما لنا من حقوق سيغدو من نصيب غيرنا ممن كرس كامل وقته؛ للفوز به وإن لم يكن من الأصل له. الحياة التي تقوم على ظهر التنازلات لا قيمة لها، ومن يسمح للتنازل بأن يأخذ من قراراته حيزاً فلن يعيش طويلاً، وسرعان ما سينتهي ذكره؛ لأن اعتناق التنازل كمبدأ سيجعله يقبل به في كل وقت وحين، حتى يصل لمرحلة لن يجد فيها ما سيتنازل عنه سواه، وهل بعد أن يفعل ذلك سيكون له أي وجود؟ بالطبع (لا) هو ما لن يكون أبداً، فكل من يُقبل على فعل ما قد فعله لن يشعر بلذة الحياة وإن كان فيها ويُحسب عليها، فهل هي هذه النهاية التي قد نرغب بها يوماً؟ دون شك لن نسعى إلى نهاية بشعة كتلك ينتهي معها ذكرنا وكأننا لم نكن يوماً؛ لذا وكي نتجنبها فنحن بحاجة ماسة إلى التمسك بكل ما لدينا من حقوق في هذه الحياة دون أن نسمح لغيرنا بسلبها منا مهما كانت الأسباب المُحفزة والمُشجعة على ذلك، وكل ما علينا فعله؛ لتحقيق ما نريد هو الإصرار على نيل ما لنا من حقوق والمطالبة بها رغم أنف الظروف المُعارضة لكل ما نريد، وحتى يكون لنا ذلك نسأل الله التوفيق للجميع (اللهم آمين). من همسات الزاوية (نعم) هي حقيقة أن ما قد كُتب لك هو ما قد قُدِرَ لك، ولكن (لا) لا ولن تنتهي الحكاية عند ذاك الحد؛ لتتوقع الفوز بما لك من حقوق بعد ملاحقتها لك، فالأمر يتطلب منك جهداً كبيراً لابد وأن تبذله ببحثك عن كل ما لك من حقوق، ومن ثم المطالبة بها دون أن يشهد منك ذلك تراخياً في الأداء، الذي وإن التزم بالعكس وكان شديداً وقوياً فلاشك بأنك ستحصد ما تريده وستحصل عليه كما خططت سابقاً وبإذن الله تعالى.