13 سبتمبر 2025
تسجيلما الذي يدفع شاباً يافعاً، درس في الخارج وحصل على أعلى الشهادات العلمية، ولا يعاني من ضائقة مادية ومالية، ولا يواجه حروباً تستهدف بلده، أو صراعات سياسية تهدد مجتمعه وتصل إلى بيته، أن يختار طريق العنف والإرهاب ويتوجه إلى العراق وسوريا ولبنان؛ لكي يمارس القتل والترويع والتفجير وقطع الرقاب وتصوير المشاهد والتفنن في مونتاجها و إخراجها، وإرسالها عن طريق الفيديو، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي إلى العالم! كانت حادثة تدمي القلب في متابعتنا لقصة الطبيب الشاب الخليجي، المتخرج حديثاً الذي ترك مهنة الطب وانضم إلى (داعش)، وانتهت بأن فجّر نفسه في عملية انتحارية، تم تصويرها من خلال الفيديو!! والحكايات عديدة تروي مختلف القصص في هجرة شباب من الخليج من الجنسين لوطنهم وأهليهم والتسلل إلى العراق وسوريا ولبنان واليمن للقتال والقيام بالعمليات "الاستشهادية"!! هل كان السبب فعلا يكمن في تبني فتاوى التكفير وخطابات العنف والتحريض الديني والمذهبي عبر المواقع الالكترونية، وبعض الفضائيات المذهبية الأيدلوجية، والخطب والدروس الدينية المتشددة والمتزمتة؟ لكن لماذا تنجح هذه الأفكار والتوجهات الهدامة وتجد لها قلوباً وعقولاً صاغية ومؤمنة بيقين، حتى لو أدت بها إلى الموت و الهلاك، ولا تجد الأفكار الإسلامية المعتدلة والخطب والدروس الدينية الإنسانية والحضارية والعدل والرحمة والتقوى أرضية تقف عليها؟! بداية يجب أن نقر ونعترف بأن هؤلاء لم يأتوا من الفضاء ولم يخرجوا من نبت شيطاني، بل هم أبناؤنا وبناتنا، تربوا في مجتمعاتنا، وذهبوا إلى نفس المدارس التي تخرجنا منها، وذهبوا إلى نفس المساجد التي نرتادها، وسمعوا الخطب الدينية ذاتها، وتعرضوا للرسائل الإعلامية من نفس القنوات والمحطات الإعلامية التي نتعرض لها، ولا يكفي أن نلقي التهم ونعفي أنفسنا، ولا حتى نتحمل المسؤولية الأخلاقية، ونحملهم كل الذنوب والخطايا وأنهم خوارج جدد ومغرر بهم و ضالون ومغضوب عليهم ومرتدون!! لقد لفت انتباهي تقرير صحيفة الاندبندنت اون صنداي حين أشارات الى أن (داعش) تستخدم الكتب الدراسية نفسها والتي تدرس في بعض الدول الخليجية لتدريسها في المناطق التي تسيطر عليها. لذلك ليس مستغرباً أن تكون هناك حصة من التطرف والإرهاب الذي تحمله (داعش) وغيرها تم احتضانه ورعايته وتنميته وترويجه وتصديره من مدارسنا ومناهجنا ومجتمعنا وخطبنا ومناهلنا الدينية والاجتماعية والسياسية.