14 سبتمبر 2025

تسجيل

يكفي أن تتفهم

22 أكتوبر 2013

أكثر ما يمكن أن نشعر معه بحيرة شديدة تغلُّب الموقف؛ لتتغلب عليه هو الإنسان، وتركيبته النفسية، التي تجعل فهمه من الأمور المعقدة، ومحاولة تفهمه من الأمور الأكثر تعقيداً، حتى وإن بذلنا جهداً عظيماً؛ كي نفعل، فحاجتنا إلى متابعة (ما علينا من مهام تقع بكامل قوتها على عاتقنا) تُجبرنا على ضرورة التفهم، وإن لم نبلغ أعلى درجات الفهم، وذلك؛ لأن فعل غير ذلك يعني توقفنا ولفترة من الزمن، يمكن بأن تقضي على ما نملكه من الزمن نفسه، وهو ما يعني أن الوقت سيمضي دون أن نتمكن من فعل أي شيء؛ لأننا وببساطة شديدة سنحصر عقولنا في زاوية واحدة لا يمكن أن نتجاوزها حتى نفهم تلك التركيبة المعقدة، أو نحاول تفهمها وهو ما يجدر بأن يكون أصلاً، وإلا لحُرِمَ علينا السير نحو ما نريده؛ لمعرفة النقطة التي يمكننا بلوغها.. حياتنا دونه الآخر تعاني من نقص شديد، سيؤدي ودون شك إلى خلل واضح لا يمكن تجاهله؛ لأنه المُكمل لنا، ولكل عمل نقوم به، فما تفعله أنت لن تدرك قيمته حتى يتمه الآخر، وما سيفعله ذاك الأخير لن يستمد رونقه حتى يجد من يتم عمله، وهكذا ستدور العجلة؛ كي تستمر الحياة وتمضي، وإن شهدنا لحظات تتقبل ذلك وعلى مضض، قد نعيشه نحن أيضاً، ولكنه ما سيكون منا؛ لأننا نريد التعرف على الأفضل في حياتنا، أي كل ذلك الذي نطمح إلى أن نبلغه ونحن نملك خبرات أكبر، وتجارب أكثر، لا يمكن أن ندركها، ما لم نسمح لعقولنا بتجاوز تلك البقعة، التي لا تسمح لنا بفهم أو تفهم تركيبة الآخر، أو ما يسعى إلى فعله أحياناً، والحق أننا قد نعيش بعض اللحظات التي لا ندرك فيها ومعها الأسباب التي تدفعه لفعل ما يقوم بفعله، أو المبرر الذي يبيح له القيام بما يقوم به، بالشكل الذي يخرج به إلينا، وهو ما قد يثير استياء البعض، ولربما يجعله يقف حيث سيكبله التعجب من تلك التصرفات غير الناضجة، والتي يمكن أن تدفعه إلى حد الجنون، الذي ما أن يصل إليه حتى يشعر بتفاهة الأمر، إذ لا يعقل أن نعالج الخطأ بآخر نحسب أنه الصواب، في لحظة لا يُجيد إدارتها سوى الغضب، الذي وإن تمكن منا لبدأت الدعائم الأساسية للحياة بالتوتر، وهو ما سيقع بأثره الكبير على رأس الجميع، حتى وإن تطلب ذلك وقتاً لاشك سيحين موعده ولو بعد حين، ما أن نبلغه حتى ندرك قيمة ما قد فعلناه، وضرره الذي كان، ومن الممكن أن نتجاوزه إن كانت البداية صحيحة منذ البداية، التي يمكن أن تكون من هذه اللحظة، لكل من يشعر بأنه ضحية غيره ممن لا يستطيع التأقلم معه، أو حتى التعامل معه بما يمنحه ذاك الشعور الذي يشعر معه بتزايد قيمته، واحترامه بين الناس.. تمنحنا الحياة الكثير من الفرص التي يمكننا معها التغير للأفضل، وبلوغ مراحل متقدمة من (التألق الإنساني)، الذي لا يجدر به أن يختفي فقط؛ لأننا نواجه من لا نفهمه، أو لا نستطيع تبرير تصرفاته (المبهمة)، ولكنه ما يستحق منا محاولات جادة؛ كي يكون لنا، ونتمتع به، إذ يمكننا به تغيير حياتنا للأفضل، وتحويلها لمكان أفضل بكثير، وذلك ببذل الكثير من الجهد والوقت، وإمساك عنق الغضب بـ (مخالب الصبر)، التي سنحتاج إلى الكشف عنها؛ كي نُمدد من عمرنا الافتراضي، ونعيش فترة أطول، ستسمح لنا بتحقيق المراد؛ لأنه المراد، وما يجدر أن يكون لنا.. لربما التواجد مع الآخرين يُفقدنا أعصابنا، فهم لا يدركون ما نعانيه بسببهم معظم الوقت، ولربما البحث عن بيئة مختلفة فكرة توهمنا بأنه الصواب، غير أن ذلك لا يمت له بصلة، خاصة أن التهرب من تلك العينة من الناس لا يضمن لنا عدم مواجهتهم من جديد في حياتنا، مما يعني أن تعرضهم لنا، مرحلة قائمة، وإن لم نرغب بها أصلاً، وهو ما سيأخذنا لهذا السؤال؛ فماذا إذن؟ إن ما يمكننا فعله حين نتعرض لموقف سخيف، يجمعنا بمن لا نستطيع فهمه، هو محاولة تفهمه، بالنزول إليه؛ لتحقيق ذلك، فمع هذا التواضع والنزول الذي لا يعني التنازل أبداً، سندرك معنى السلام الحقيقي، الذي ينبع من الداخل، ويحتاج لصفاء القلب؛ كي يكون ونكون معه بأفضل حال، يمكن أن نبلغه إن أدركنا حاجتنا إلى التفهم، والتخطيط لحياة جديدة سنتمكن معها من كل أهدافنا، التي ولربما بدت لنا مستحيلة في فترة من الفترات، غير أنها لن تظل كذلك أكثر، خاصة أن بدأنا من الآن بمحاولة جادة لفهم الآخر، أو على الأقل تفهمه، والتعرف على الوسائل التي يمكننا بها منح الحياة ما تحتاجه منا؛ كي تكون لنا ما نريده فعلاً.