12 سبتمبر 2025
تسجيلبالنسبة للبعض فهناك الكثير من الكلمات الموسمية، التي ترتبط بموسم معين؛ كي تظهر فيه وتكشف عن سواعدها؛ لتستعرض قيمتها وما تملكه من معان دفينة لا تظهر بسهولة للعيان وفي أي وقت كان؛ لذا نجد الإقبال على تلك الكلمات العظيمة يعاني من الشح، بمعنى أن عمر ظهورها يرتبط بموسم دون غيره، فلا تكون إلا إن كان الموسم وحان موعده، والحق أن في الأمر الكثير من الظلم لها ولكل ما تحتويه من معانٍ تستحق منا الالتفات إليها كل الوقت، ودون أن يرتبط ذلك بزمن معين؛ كي نُقدم على استخدامها وبشكل صحيح وفعال، يبني جسور التواصل، ويُعمرها؛ كي تدوم المودة، ويسطع نجم الحب بشكلٍ يجعل للحياة نكهة طيبة يطيب معها كل شيء، ولعل هذه الصورة النهائية هي أول ما يجدر بنا التفكير به حين تطل علينا بعض تلك الكلمات وبإلحاح شديد يجبرنا على التفكير بها على الدوام، وليس بشكل موسمي ما أن يُدرك النهاية حتى يجمع حاجياته؛ كي يحلق بعيداً إلى أن يحين أوانه من جديد فيعود؛ لنُعيد الأمر ذاته، الذي سيبدو كمشهد مُعلب لا جديد فيه أبداً، ولكننا نستعين به؛ كي ندور مع عجلة الزمن حتى نصل لمكان آخر يحتاج لخطوات أخرى مختلفة (لابد وأن تكون) وستكون لنا فعلاً إن فكرنا بها تلك الصورة كخطوة لابد وأن تكون منا.وماذا بعد؟ إن موضوع التفكير بتلك الصورة وكما ذكرت آنفاً خطوة ضرورية تحثنا على إدراك تلك الكلمات كما يجب وفي كل حين، ويكفي بأن نقف على كلمة واحدة تتردد كثيراً في هذه الأيام المباركة-التي نخصص لها كمسلمين مكانة كبيرة- ألا وهي (التسامح)، فهي الكلمة التي وقع عليها اختياري لعدة أسباب أهمها: أنها عظيمة جداً، وما هو أعظم منها هو التفكير بها وبشكل جدي وعملي، خاصة وأن حياتنا كصفحات لا يمكن التنقل بينها بسهولة ما لم نتسامح، ونمسح تلك الشوائب التي تعكر صفحاتنا تلك، فتشغلنا بها دون أن تسمح لنا بأن نمضي بسلام، لا يمكن بأن يكون لنا إلا إن خففنا من حملها تلك الصفحات، بنزع ما على ظهرها من مشاعر سلبية، حتى وإن تمكنت النفوس من إخفاءها إلا أنها لن تتمكن من التحمل طويلاً، وستظهر على السطح في يوم من الأيام، من الأفضل بألا يكون فتكون معه وبسببه المصائب، التي سننشغل بها؛ لنفوت علينا أجمل لحظات حياتنا، أي تلك التي وإن وقفنا على رأسها بعد عدة أعوام، فستصيبنا الدهشة من تلك التفاصيل الصغيرة التي تسربت دون أن نلتفت إليها، وندركها كما يجب، وبصراحة فإن الوصول إلى هذه النقطة يستحق منا التفكير بكل ما مضى من حياتنا من لحظات كانت تستحق منا بذل أي شيء من التسامح، الذي يمسح الخلافات، ويقطع الطريق على العداوات التي تُهدد النفوس، وتُحملها على العيش مع أحقاد لا حد لها، تُبيح المحظور، وتُبرر كل ما لا يمكن تبريره أو تفسيره؛ ليفعل كل من يحلو له فعل كل ما يحلو له دون حسيب أو رقيب لابد وأن يوجهه للمسار السليم، الذي يُطالبنا بتبني أهم المعاني التي تنادي بها تلك الكلمات العظيمة، كـ (كلمة التسامح)، التي يمكنها فعل الكثير للكثير، وهو ما يستحق بأن يكون في كل وقت دون أن يلتفت لموسم دون غيره. لهذه الأيام المباركة أجرها الذي يرفع من قدرها لدينا كمسلمين؛ لذا تحرص القلوب الطيبة على استثمارها بأعمال تُحسب لها، فترتفع بها درجات، وترتقي بفضلها، ولعل ما سيساعدها على تحقيق ذلك على خير وجه، هو تفريغ صفحات الحياة بما يشغلها من أمور لا تستحق بأن تكون ببذل أي شيء من التسامح، الذي سيسمح فيما بعد لتلك القلوب بالتنقل بين الصفحات؛ لكتابة تفاصيل حياة جديدة وجميلة ستبدو كعيد لابد وأن نبتهج فيه، ونسعى إلى مدها تلك البهجة للآخرين ممن يبحثون عنها، ويمكننا مساعدتهم بالحصول على كل ما يحتاجون إليه، متى أقبلنا على التسامح وساهمنا بتوفيره وبشكل جدي، فهل يمكن أن يتحقق ذلك ويكون في هذه اللحظات الفضيلة أيها الأحبة؟ حتى تكون الإجابة، فستكون هذه التهنئة القلبية التي تخرج من الأعماق: كل عام وكل الأمة الإسلامية بألف خير (اللهم آمين).