14 سبتمبر 2025

تسجيل

تنظيم المكتبات

22 أغسطس 2016

في الواقع، معظم الناس يملون من تنظيم فوضى المكتبات، داخل بيوتهم، والمكتبيون الذين توظفوا في مكتبات عامة، يحسون بإرهاق شديد حين يعيرون أحدا كتابا طلبه، وحين يستلمون كتابا انتهت إعارته، وحين يفقد كتاب لم يرده من استعاره، ويقول مانغويل، إن أفضل المكتبيين، أي أمناء المكتبات، من كان بلا هواية اسمها القراءة، فالمكتبي القارئ، يتحيز لرف أو كتب معينة، قرأها وتذوقها، وينفر من رفوف أخرى بها كتب لم تدخل تذوقه، وهكذا ثمة تناغم ومودة في إعارته للكتب التي يحبها، وتأفف وضيق حين يعير الكتب التي لم تدخل تذوقه، هذا رأي بالطبع يحتمل اعتباره رأيا صادقا، أو رأيا نظريا تخيليا، فأمناء المكتبات الذين أصادفهم، أثناء استعارتي للكتب عادة، يبدون لي آليين في تعاملهم مع الجمهور، يعيرون الكتب بآلية مطلقة، ويتلقونها بعد انتهاء استعارتها بنفس الآلية. وبخصوص تنظيم المكتبات المنزلية، فكما هو معروف فإن الأجيال الناضجة السابقة للجيل الناضج الحالي، كانت أجيال قراءة نهمة، لأن لا ترفيه سوى ترفيه القراءة آنذاك، وكان الكتاب الذي يصدر في أي مكان، يذهب إلى كل الأمكنة، ويمكن للنسخة الواحدة أن تدور على مائة شخص وتعود إلى صاحبها، وهكذا. وكان المحظوظون من استطاعوا تكوين مكتبات في البيوت، من كتب جمعوها من هنا وهناك، إما شراء وإما هدايا، وأذكر أنه كانت في بيتنا مكتبة متوسطة، فيها مئات الكتب، وشخصيا لا أذكر كيف تكونت؟، وكيف تمت فهرستها؟، لكنها موجودة، وما زالت إلى الآن في نفس المكان الذي أنشئت فيه، وهو جانب من صالون البيت، وإن كان عدد رفوفها قد زاد، وسكنتها إصدارات حديثة لم تكن موجودة أيام والدي. الكاتب الأرجنتيني أبرتو مانغويل يؤكد في هذا الشأن، أن المكتبة العظيمة، حتى ولو ضمت كتبا قليلة، تضم معها ذكريات شتى، ذكريات الشراء والقراءة الأولى لكتاب ما، ورد الفعل عن كتاب معين، قرأه صاحب المكتبة ذات اليوم. هذه الذكريات قد تشمل ساحة رببليكا في وسط روما، وكشك الكتب المستعملة في وسطها والبائع العجوز الذي اشتريت الكتاب منه، والتقطت معه صورة.