13 سبتمبر 2025

تسجيل

مصر التي في خاطري

22 يوليو 2015

اتصل بي الصديق عمر صقر للمشاركة في قضية نقاشية عن دور مصر الريادي في الثقافة العربية، وعمّا إذا تراجع هذا الدور في الوقت الحالي. ولأن الأمر أكبر أن يغطّى في مساحة مائة كلمة ممنوحة، فقد رأيت أن أشارك القارئ رأيي في هذا الأمر، حيث لعبت مصر دوراً هامّاً في الثقافة العربية، بعد انكماش الجغرافيا إثر سقوط المشرق العربي بيد الصليبيين والمغول، وسقوط الأندلس في الغرب. وبقيت هذه المساحة الممتدة من سيناء إلى الأطلسي سليمة من الاحتلال والتخريب والتهجير القسري، والتغيير الديمغرافي الذي طال الأمصار الأخرى. وتكامل هذا الدور مع قيام منارات دينية ثقافية كالأزهر، واستمرّ هذا الدور بعد قيام دولة صلاح الدين، ثمّ دولة المماليك التي كانت الوريث الواقعي لدولة العباسيين، ورغم تراجع ذلك الدور أيام العثمانيين، إلا أنّه عاد مع دولة محمد علي الذي بنى نظاماً قوياً، استثمر في مصر الحديثة التي (لمّت الشامي ع المغربي) وبلغت أقصى قوتها المؤثرة في أحداث الشرق، القرن الماضي تقريباً، في السياسة والفكر والأدب، ومازال هذا الأثر واضحاً، في أسماء أصبحت مرجعيات لا يمكن تخطّيها.تراجع دور مصر لأسباب سياسية واقتصادية وثقافية أثّرت في المنطقة منذ سبعينيات القرن الماضي، فمع تشظّي المركز، الذي زاحمته الضوء دمشق وبغداد وبيروت، برزت مراكز جديدة كمدرسة الفكر الاجتماعي المغاربية، ومدرسة المهجر التي ضمّت نخبة من المهاجرين العرب في أوروبا وأمريكا وباتت مصدراً مهمّا للثقافة، أضف إلى ذلك ازدهار المناخ الثقافي في الخليج العربي منذ الربع الأخير للقرن العشرين واستقطابه خيرة الأقلام في الصحف والمجلات ومراكز البحث.ومن ثمّ لم يعدّ مركز يحتكر المعرفة، والمتابع للمشهد يرى نقاطاً مضيئة كثيرة، تثري الثقافة العربية، موزّعة على جسم الخريطة، وإن ليس بالكثافة ذاتها، فهناك رواية خليجية نسوية، وديوان شعر فلسطيني، وكتاب نقدي مغاربي، ويبقى للمصريين حضورهم، فبمعايير الجوائز العربية على الأقل كان لهم حضورهم الكثيف. وأتذكر من هذه الأقلام وحيد الطويلة ومنصورة عز الدين وأشرف الخمايسي في الرواية، وخالد عبد الغني في التحليل النفسي للأدب، ومحمود الأزهري ومحمود المغربي في الشعر، وغيرهم كثير.