14 سبتمبر 2025
تسجيلالأمر الثالث من ثمرات التفكر : اجتناب الخلطة ما أمكن ، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله علاقة ذلك بمفسدات القلب ، وبين أن القلب له مفسدات هذه أولاها :يقول ابن القيم رحمه الله : وأما مفسدات القلب الخمس فهي التي أشار إليها: من كثرة الخلطة والتمني، والتعلق بغير الله، والشبع، والمنام، فهذه الخمس من أكبر مفسدات القلب. فنذكر آثارها التي اشتركت فيها، وما تميزت به كل واحدة منها. اعلم أن القلب يسير إلى الله عز وجل والدار الآخرة، ويكشف عن طريق الحق ونهجه، وآفات النفس والعمل، وقطاع الطريق بنوره وحياته وقوته، وصحته وعزمه، وسلامة سمعه وبصره، وغيبة الشواغل والقواطع عنه، وهذه الخمس تطفئ نوره، وتعور عين بصيرته، وتثقل سمعه، إن لم تصمه وتبكمه وتضعف قواه كلها، وتوهن صحته وتفتر عزيمته، وتوقف همته، وتنكسه إلى ورائه، ومن لا شعور له بهذا فميت القلب، وما لجرح بميت إيلام، فهي عائقة له عن نبل كماله. قاطعة له عن الوصول إلى ما خلق له. وجعل نعيمه وسعادته وابتهاجه ولذته في الوصول إليه. فإنه لا نعيم له ولا لذة، ولا ابتهاج، ولا كمال، إلا بمعرفة الله ومحبته، والطمأنينة بذكره، والفرح والابتهاج بقربه، والشوق إلى لقائه، فهذه جنته العاجلة، كما أنه لا نعيم له في الآخرة، ولا فوز إلا بجواره في دار النعيم في الجنة الآجلة، فله جنتان لا يدخل الثانية منهما إن لم يدخل الأولى. وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة. وقال بعض العارفين: إنه ليمر بالقلب أوقات، أقول: إن كان أهل الجنة في مثل هذا، إنهم لفي عيش طيب. وقال بعض المحبين: مساكين أهل الدنيا خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها، قالوا: وما أطيب ما فيها؟ قال: محبة الله، والأنس به، والشوق إلى لقائه، والإقبال عليه، والإعراض عما سواه أو نحو هذا من الكلام.