13 سبتمبر 2025

تسجيل

والذين كفروا يتمتعون

22 يوليو 2013

نتوقف اليوم مع سورة محمد عند قوله تعالى (أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها {10})( أفلم يسيروا في الأرض) أي اقعدوا في أماكنهم فلم يسيروا فيها (فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم) من الأمم المكذبة فإن آثار ديارهم تنبئ عن أخبارهم وقوله تعالى (دمر الله عليهم) استئناف مبني على سؤال نشأ من الكلام كأنه قيل كيف كان عاقبتهم فقيل استأصل الله تعالى عليهم ما اختص بهم من أنفسهم وأهليهم وأموالهم يقال دمره أهلكه ودمر عليه أهلك عليه ما يختص به (وللكافرين) أي ولهؤلاء الكافرين السائرين بسيرتهم ( أمثالها) أمثال عواقبهم أو عقوباتهم لكن لا على أن لهؤلاء أمثال ما لأولئك وأضعافه بل مثله وإنما جمع باعتبار ممائلته لعواقب متعددة حسب تعدد الأمم المعذبة وقيل يجوز أن يكون عذابهم أشد من عذاب الأولين وقد قتلوا وأسروا بأيدي من كانوا يستخفونهم ويستضعفونهم والقتل بيد المثل أشد ألما من الهلاك بسبب عام وقيل المراد بالكافرين المتقدمون كأنه قيل دمر الله عليهم في الدنيا ولهم في الآخرة أمثالها. ● قوله (ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم {11}) ( ذلك) إشارة إلى ثبوت أمثال عقوبة الأمم السالفة لهؤلاء (بأن الله مولى الذين آمنوا) أي ناصرهم على أعدائهم وقرئ ولي الذين (وأن الكافرين لا ولي لهم) فيدفع عنهم ما حل بهم من العقوبة والعذاب ولا يخالف هذا قوله تعالى ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق فإن المولى هناك بمعنى المالك. ● قوله (إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم {12}) بيان لحكم ولايته تعالى لهم وثمرتها الأخروية ( والذين كفروا يتمتعون) أي ينتفعون في الدنيا بمتاعها ( ويأكلون كما تأكل الأنعام) غافلين عن عواقبهم ( والنار مثوى لهم) أي منزل ثواء. ● قوله (وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم {13}) (وكأين) كلمة مركبة من الكاف وأي وقوله تعالى (من قرية) تمييز لها وقوله تعالى (هي أشد قوة من قريتك) صفة لقرية كما أن قوله تعالى (التي أخرجتك) صفة لقريتك وأجرى أحكامه عليهما كما يفصح عنه الخبر الذي هو قوله تعالى (أهلكناهم) أي وكم من أهل قرية هم أشد قوة من أهل قريتك الذين كانوا سببا لخروجك من بينهم ووصف القرية الأولى بشدة القوة للإيذان بأولوية الثانية منها بالإهلاك لضعف قوتها كما أن وصف الثانية بإخراجه عليه الصلاة والسلام للإيذان بأولويتها به لقوة جنايتها وعلى طريقته قول النابغة - كليب لعمري كان أكثر ناصرا،، وأيسر جرما منك ضرج بالدم - وقوله تعالى ( فلا ناصر لهم) بيان لعدم خلاصهم من العذاب بواسطة الأعوان والأنصار إثر بيان عدم خلاصهم منه بأنفسهم والفاء لترتيب ذكر ما بالذات وهو حكاية حال ماضية. * (إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار). ●قوله (أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم {14}) (أفمن كان على بينة من ربه) تقرير لتباين حالي فريق المؤمنين والكافرين وكون الأولين أعلى عليين والآخرين في أسفل سافلين وبيان لعلة ما لكل منهما من الحال ومن عبارة عن المؤمنين المتمسكين بأدلة الدين وجعلها عبارة عن النبي عليه الصلاة والسلام أو عنه وعن المؤمنين لا يساعده النظم الكريم على أن الموازنة بينه عليه الصلاة والسلام وبينهم مما يأباه منصبه الجليل والتقدير أليس الأمر كما ذكر فمن كان مستقرا على حجة ظاهرة وبرهان نير من مالك أمره ومربيه وهو القرآن الكريم وسائر المعجزات والحجج بسبب ذلك التزيين (أهواءهم) الزائغة وانهمكوا في فنون الضلالات من غير أن يكون لهم شبهة توهم صحة ما هم عليه فضلا عن حجة تدل عليه وجمع الضميرين الأخيرين باعتبار معنى من كما أن إفراد الأولين باعتبار لفظها.