12 سبتمبر 2025

تسجيل

جائزة من دار أثر

22 يوليو 2013

أعلنت دار أثر السعودية، وهي دار نشر شابة، وحديثة نسبيا، لكنها مجتهدة، عن جائزة باسم الدار للرواية العربية، تقام كل عام، وتقدم للفائزين فيها جوائز مادية، كما تقوم الدار بنشر الكتب الفائزة. هذه الخطوة الممتازة من دار أثر، تدل على وعي كبير بمسؤولية الناشر، تجاه الكتابة التي يتعامل معها، ويتوجه بها إلى زبائن ليسوا عاديين، ولكن من الذين عشقوا القراءة ويمارسونها. فحين ترصد دار النشر جائزة، هذا يعني أنها ستتعرف على كثيرين من الذين يكتبون، ولم يتسن لهم أن ينشروا لأي سبب، لكنهم سيقدمون نصوصهم للجائزة. وإذا فاز أحدهم، سيجد كتابه منشورا بلا شك، أيضا من ناحية القراء، فالإعلان عن الجائزة، وحده كفيلا بلفت النظر إلى إصدارات الدار، وهي بحق إصدارات مميزة، سواء كانت عربية أو مترجمة من لغات أخرى، مثل رواية ليلة لشبونة، للألماني إيريك ماريا، والتي أعتبرها من الروايات الخالدة، وكانت تؤرخ لفترة حرجة من تاريخ العالم، فترة الحرب العالمية الثانية، ومضاعفاتها. أعود إلى مسألة النشر عموما، فالناشر في الحقيقة، هو جسر مهم في عملية الإبداع، ولولا وجود ناشر، ما استطاع أحد أن يكتب وأن يوصل كتابته إلى مدى بعيد. هناك ناشرون مهتمون كثيرا بمسألة جودة الأعمال التي يقدمونها، وفيهم مثقفون، ومبدعون، وهناك آخرون اهتموا بالشق التجاري من العملية، ولا تبدو لهم الجودة، هامة ما دامت ثمة سلع تعرض، وتجد إقبالا من البعض، وهؤلاء كما يبدو لي يقومون بدراسة السوق جيدا، وبعدها يقررون ماذا ينشرون، وماذا لا ينشرون. الكتاب الحقيقيون، يفضلون التعامل مع الدور الناضجة، التي تمتلك وعيا كبيرا، تدلقه على حرفة النشر، وتسوق لسلعة الكتاب كما يمكن أن تسوق أي سلعة أخرى. صحيح أن الكتاب لم يعد يحتل أي مكانة مميزة، في أزمنة الفقر والحروب والتشرد، لكن بالقطع ما زال يوجد من يهتم به، وربما تستقر الأوضاع أو تتحسن في المستقبل، ويعود الكتاب إلى مجده. المهم هو الاعتناء به في كل وقت، ولا أعتقد أن الدعاية للكتاب، عيب، كما يعتقد البعض، وقد شاهدت كتابا كبارا وراسخين في الكتابة، مثل الياباني موراكامي، يشاركون بأنفسهم في تلك الدعايات التي تقيمها دور النشر لإنتاجهم الجديد، التسويق مهم بكل درجاته، ولن يصل الكتاب لأي جهة، أو يتلقاه أي قارئ، إذا ما طبع ووضع على أرفف المكتبات، بلا دعاية تسبقه أو تعرف به. إذن خطوة دار أثر، أعتبرها مهمة، وستكتسب أهمية إضافية، إذا ما قامت دور نشر أخرى، بتلقف هذه الخطوة، هنا سنحصل على قيمة حقيقية للكتابة، وأنها مدعاة للفخر، من الذين ينشرونها للناس.