16 سبتمبر 2025

تسجيل

الهروب من المستقبل..!

22 يونيو 2022

يميل بعض الأشخاص للعيش في الماضي والتمسك به، والتغني به ليلاً ونهاراً وفي جميع المناسبات التي تثبت صحة رأيه. وفي ظل هذا التطور السريع بالحياة يحاول هذا البعض مقاومة التغير الهائل في الحياة بالتمسك بالماضي والتشبث به كرد فعل لهذا التطور الكبير، ربما لأنه لا يستطيع اللحاق به فيظل "محلك سر" كما يقال، بل إن أكثر من ذلك قد يصل إلى مرحلة مقاومة التغيير ومحاربة كل جديد، وفي هذا يقول الشيخ محمد الشعراوي رحمه الله: "الناس أعداء ما جهلوا"، أي أنهم بالرغم من اقتناعهم التام بأن المستقبل أفضل إلا أنهم يعتبرونه تهديداً لهم لأنهم عاجزون عن اللحاق بركب الحضارة والتطور. وعلى هذا الصعيد قد نرى من حولنا على سبيل المثال لا الحصر؛ المعلمة التي تستخدم أساليب تعليمية قديمة لا تمت للحاضر بصلة وبالتكنولوجيا الحديثة في التدريس، ومن يصر على عدم قراءة الصحف والكتب الإلكترونية وهي متوافرة بصورة أوسع لأنه لم يعتد عليها. والأغرب من ذلك نجد أن بعض الآباء والأمهات يريدون تربية أبنائهم بنفس الطريقة التي تربى عليها الأب والأم، بالإضافة لاستخدام أسلوب العقاب البدني في عصر لم يعد يسمح بذلك!. ولعل الأخطر على الإطلاق أن نجد من يهاجم التغيير من المؤثرين على مجتمعاتهم فهؤلاء أثرهم أكبر وأوسع وأعمق. ويفسر البعض هذه الحرب المستمرة كدفاع عن النفس أمام الشعور بالانكسار، نتيجة العجز عن اللحاق بالتطورات السريعة. لكن من جانب آخر دعونا نعترف ببعض إيجابيات الماضي الجميل عندما لم تكن هناك فضائيات ولا إنترنت، فكانت هناك الروايات الجميلة لنجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس والكتب المهمة لطه حسين ورفاقه وأغاني كوكب الشرق أم كلثوم وعبدالحليم الراقية وغيرها مما كان يثري الحياة رقياً وجمالاً، أما الآن فقد اختلفت الأذواق كنتيجة تلقائية ربما للعولمة. ومن الملاحظ أن حالة رفض الجديد بكل مظاهره تقل لدى الغرب وبلدان شرق آسيا كثيراً مقارنة بالشرق الأوسط لعدة عوامل منها مستوى التعليم وتقبل التغيير والظروف المحيطة بالمجتمع، فنجد على سبيل المثال أن اليابان بعد تعرضها للقنابل الذرية نهضت من ركام الحرب لتصبح ثالث أقوى اقتصاد في العالم، ومثلها ماليزيا التي تقدمت في سنوات قليلة من جميع الجوانب وغيرهما نماذج كثيرة أقبلت على التغير بعقلية منفتحة. نعم.. من الصعب جدا إيقاف ساعة الزمن والعيش في الماضي، ولكن ذلك لا يعني الانسلاخ منه تماماً، فقد أصبح من المهم النظر للمستقبل نظرة إيجابية لاستشراف آفاقه المشرقة بما ينفع المجتمع والفرد. وكل هذا بيني وبينكم ‏@Munaaljehani1