14 سبتمبر 2025

تسجيل

وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة

22 يونيو 2016

شاب متدين ظاهره الصلاح دُعِي إلى صلح بين اثنين من أصحابه في أيام رمضان فأحجم! لأنه يرى أن بعض الأذى سيطوله، وأنه قد يخسر أحد الأخوين إن دخل في الصلح بينهما وهو لا يريد ذلك! فيحجم عن الإصلاح بينهما والآفة حين يبدأ في شرعنة فعله! أو بحث مخرج ديني على جبنه! فيقول بلسان المقال: قد أمرنا الله ألا نلقي بالنفس إلى التهلكة في قوله:" وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة "! وهذه الآية من الآيات المظلوم فهمها عند بعض العامة، خاصة وقد بان المقصود منها من صحابي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . عن الحكم بن عمران قال: كنا بالقسطنطينية، وعلى أهل مصر عقبة بن عامر الجهنى صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أهل الشام فضالة بن عبيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج من المدينة صف عظيم من الروم، وصففنا لهم صفا عظيما من المسلمين، فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم، ثم خرج إلينا مقبلا، فصاح الناس فقالوا: سبحان الله ألقى بيديه إلى التهلكة! فقال أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيها الناس إنكم تتأولون هذه الآية على غير التأويل، وإنما أنزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار؛ إنا لما أعز الله تعالى دينه وكثر ناصريه، قلنا لبعضنا سرا: إن أموالنا قد ضاعت، فلو أنا أقمنا فيها وأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله تعالى في كتابه يرد علينا ما هممنا به، فقال - "وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة - في الإقامة التي أردنا أن نقيم في الأموال فنصلحها، فأمرنا بالغزو، فما زال أبو أيوب غازيا في سبيل الله حتى قبضه الله عز وجل.فالتهلكة إذا هي الإحجام والقعود عن العمل، التهلكة هي ترك الأمور تسير وفق قاعدة (وأنا مالي) التهلكة تكمن في قوله صلى الله عليه وسلم (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم) التهلكة أن يفكر الإنسان في نفسه، وان يظن واهما أنه متى ما انعزل عن الناس واهتم بنفسه أو أهله فإنه ناج! هذا وهم وخديعة، فالنجاة في العمل لا في الترك، والنجاة في الإقدام لا الإحجام.ومن هنا نفهم أن المراد من قوله تعالى:{وَأَنْفِقُواْ فِي سَبِيلِ الله وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكة} أي أنفقوا في الجهاد {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكة} بعدم النفقة؛ لأن الإنفاق في سبيل الله يصنع للأمة اليد الثقيلة التي ترد على من تسول له نفسه استباحة بيضة الإسلام والمسلمين، واليد المغلولة عن الإنفاق هي التي تُلقي بصاحبها إلى التهلكة؛ لأنه إن امتنع عن ذلك اجترأ العدو عليه فأهلكه.