11 سبتمبر 2025
تسجيليستحقّ التأمّل، وأعني برنامج "الصدمة" الذي يُعرض في رمضان، وفي وقتٍ مدروس تشاهده الأسرة العربية مع الإفطار في منطقة الخليج العربي. يأتي الجديد في البرنامج أنه يقترح أفكاراً جديدة تستفزّ مسلّمات المتابع، مستفيدةً من "الكاميرا الخفيّة" في مفاجأة الجمهور المستهدف أمام المشهد الخادع، لقياس ردّات الفعل تجاه القِيم المهدّدة في أفعال يقوم بها ممثلون على مرأى من حشد بشري في الأسواق، ولكنّ المواقف التي تحدث لا تستثير الضحك والمرح، ولكنّها تستثير البكاء؛ فقد استدرّت دموع المشاركين والمتفرّجين على حدٍّ سواء.في مواقف متشابهة تجري في أماكن مختلفة (مصر- السعودية - العراق - الإمارات - لبنان) يستطيع المتابع أن يتعرف طبيعة المجتمعات العربية وطريقة تعبيرها في موقفها من العنف وعقوق الوالدين والموقف من ذوي الإعاقة ومن الاختلاف الديني والمذهبي وغير ذلك، في مشاهد يقف المشاهد - المشارك منها في مواجهة تحدٍّ أخلاقيّ صعب، تجعل الكثير منهم يغامر ويتدخّل بغض النظر عمّا سيحدث له.يمكن القول إنّ برنامج الصدمة ذا البعد الدرامي - الترفيهي قد سحب البساط من الدراما الخالصة، والتي تجاهد لتجاوز مأزقها الحالي، أمام الضائقة المالية التي لم تعد تسمح بأعمال عملاقة، ولعدم هضمها ظاهرة الربيع العربي، التي كانت الدراما الحقيقية في السنوات التي خلت.يأخذ "الصدمة" من الدراما شغف الفرجة، وما تحققه الدراما من أثر انفعالي "التطهير" وتضيف إليه من خصائص تلفزيون الواقع، والكاميرا الخفيّة، من مفاجأة المشارك دون علمه في الأحداث.ولكنّ الأهمّ أن نتائج هذا البرنامج تقف بنا على معايير القيم والأخلاق، ومن خلال ما ظهر فطبائع البشر تنزع إلى الخير، ولكنّ ضعف ردّات الفعل يبيّن لنا أثر مفاعيل القمع في المواطن العربي، في مجتمعات الحداثة ونموذجها المثالي "لا أرى - لا أسمع - لا أتكلم".