11 سبتمبر 2025

تسجيل

تحت رحمة اللوغاريتمات

22 مارس 2022

أصبحنا على زمن إلكتروني. كل ما نريده على مسافة ضغطة زر منا. إن كنا نريد مصادقة أحد، فسنبعث له طلب صداقة على الفيسبوك. وإن كنا نريد أن نعبر عن آرائنا أو أن نشكو خدمة شركة ما، فسنغرد في تويتر. وإن كنا نريد شراء شيء، فسنطلبه من أمازون. وإن كنا نريد معرفة هوية رئيس موزمبيق، فسنسأل جوجل. وإن كنا نريد السفر، فسنبحث عن وجهتنا في صور انستجرام، من ثم سنسافر، ونحمّل صورنا في حساباتنا، وإلا.. هل سنكون قد سافرنا فعلاً؟! يبدو جميع ما قلته بديهي وسهل، فنحن في وقت نستغرب فيه من كون شخص ما غير نشط في مواقع التواصل الاجتماعي، بل ونتعجب إن لم يمتلك حسابا على هذه المواقع! غافلين لفكرة وضعنا لجميع معلوماتنا على الانترنت-وإن لم يكن في موقع واحد-مثل أسامينا وهوياتنا وأرقامنا وصورنا وبطاقاتنا الائتمانية ومزاجنا وغيرها من المعلومات الكثيرة التي تطلبها معظم المواقع الإلكترونية ومن ضمنها جوجل! جوجل مثلاً، يعرف ما نرغب في شرائه وما نبحث عنه، ويعرف ممثلينا المفضلين وقراءاتنا اليومية والمعلومات التي نريد معرفتها، وكله ليس وليد الصدفة بل بسبب تراكم تاريخ بحثنا لديه مما جعل لوغاريتمات جوجل تعرف ما نريد البحث عنه، فتبرزه عند قيامنا بأي بحث، وتجعل ما عداه في الصفحات الأخيرة التي كلنا نعرف بأنه ليست لدينا الطاقة للوصول إليها! قوة هذه اللوغاريتمات هي ما تجعل شركات التقنية الكبيرة المتسيدة لمواقع التواصل الاجتماعي والانترنت أكبر وأغنى، بل وذات تأثير كبير على المجتمعات وحتى الدول، ففي عام ٢٠١٦، كان لإعلانات الفيسبوك دور كبير في فوز دونالد ترامب في رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية بعد تصيد اللوغاريتمات للناخبين وتغذيتهم بالإعلانات التي كانت أغلبها كاذبة ومخادعة كما تم تصوير هذه العملية في الوثائقي (THE SOCIAL DELIMMA). مازلنا اليوم تحت رحمة أهواء الشركات الكبرى مثل ميتا وألفابيت وأمازون وتويتر وأبل ومحاولتهم لتسييرنا واستمالتنا وفق رغباتهم. ففي ٢٠٢١، قامت فيسبوك بإزالة المنشورات حول فلسطين إبان الاعتداءات الإسرائيلية على غزة والفلسطينيين. والآن تقوم ميتا بالتركيز على المنشورات حول أوكرانيا بل وتعزز المنشورات التي تدعو إلى العنف ضد الجنود الروس! نحن تحت رحمة من لا يرحم، ولا يكون له أن يرحم لأنه وُضع من قبل شركات عملاقة، هدفها الربح أولاً وأخيراً، لا سعادة الانسان وانتصاره في هذه الحياة. وقد لا يكون في استطاعتنا كبح هذه الشركات في المستقبل القريب، ولكننا نستطيع ألا نتبرع بكافة معلوماتنا لها. ونقدر على رفض الآراء الواحدة التي قد تحاول فرضها علينا، إن فقط، حاولنا أكثر!