03 نوفمبر 2025

تسجيل

قصص ناجحة للتنويع في الاقتصاد الخليجي

22 مارس 2015

توجد العديد من قصص النجاح بخصوص تحقيق هدف التنويع الاقتصادي في اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي. تتضمن أمثلة النجاح فرض دبي نفسها في مجال تجارة الذهب مع أنها ليست جهة منتجة لهذه السلعة الإستراتيجية. تشمل أسباب التفوق في هذا المجال أمورا مثل توفير الأجواء الضرورية من قبيل منح التأشيرات وتصاريح العمل والإقامة للأشخاص المعنيين في هذا المجال. يقيم عدد غير قليل من رجال الأعمال الهنود البارزين في دبي مستفيدين من التسهيلات المتوافرة مثل التأشيرات والموانئ وحركات الطيران. كما تقدم صناعة الطيران ميزة إضافية للتجارة في دبي والمساهمة في جعلها مركز تجاري رئيسي في المنطقة بأسرها. بل يعتبر مطار دبي رائدا في العالم في ظل قدرته على استقطاب ركاب الترانزيت وهم في طريقهم لوجهاتهم النهائية. وبصورة أشمل، تمكنت ثلاث ناقلات تتبع دول مجلس التعاون في السنوات القليلة الماضية من فرض نفسها على خارطة الطيران على مستوى العالم. بكل تأكيد، الإشارة هنا إلى طيران الإمارات والقطرية والاتحاد. حقيقة القول، تعتبر طيران الإمارات أكبر مشغل على مستوى العالم لطائرات الإيرباص أي 380 العملاقة والتي تمتلك قدرة توفير مقاعد لنحو 500 مسافر في آن واحد. وفي هذا الإطار، رد المسئولون في شركة طيران الإمارات بغضب على تصريحات صحفية في فرنسا أفادت بإمكانية التوقف عن إنتاج هذا النوع من الطائرات بسبب ضعف الطلب. تشكل الطائرة جزءا جوهريا من خطط التوسع لدى طيران الإمارات.وحديثا فقط، قامت عدد من شركات الطيران في الولايات المتحدة وبصورة موحدة بمخاطبة المسؤولين في صناعة الطيران والمشرعين حول مزاعم بوجود منافسة غير عادلة من طيران الإمارات والقطرية والاتحاد في السوق الأمريكية. هناك اعتقاد مفاده بأن الشركات الثلاث تحصل على دعم من حكوماتها الأمر الذي يضعها في أفضلية تنافسية مقارنة مع الناقلات الأمريكية. مما لا شك، أصبحت الناقلات الخليجية توفر رحلات مباشرة للعديد من المدن الأمريكية بينها نيويورك وواشنطن وشيكاغو. وفي هذا الصدد، تتوارد الأنباء عن تحقيق المزيد من الاختراق للإمارات والقطرية والاتحاد في السوق الأمريكية والتي تعتبر الأكبر في العالم. شخصيا، سمعت من زملاء أمريكيين أنهم يرغبون السفر عبر الناقلات الخليجية بالنظر لمستوى الخدمة والرعاية والطائرات الحديثة. ذات مرة، أشاد زميل أمريكي بقيام الشركات الخليجية بمنح هدايا لصغار المسافرين، حيث تعتبر هذه الخطوة محل تقدير في ظل شبه انعدام هذا النمط من السلوكيات لدى الشركات الأمريكية بحجة وصول السوق لمرحلة النضج. ومرد ذلك بأن المسافر يهتم أساسا بالحصول على خدمة الطيران وبأفضل الأسعار والأوقات دونما النظر لأمور مثل الخدمة داخل الطائرة. كما سمعت من دبلوماسي أمريكي مقيم في واشنطن لكن المطلوب منه التنقل لمختلف بلدان العالم بأنه دائم التوقف في دبي والدوحة وأبو ظبي عند السفر لوجهات مختلفة في جنوب آسيا مثل الهند وأفريقيا مثل كينيا.ولطالما الحديث عن قطاع الطيران، لابد من الإشارة لمطار حمد الدولي في الدوحة والذي تم تشغيله في 2014. يعتقد بأن المطار يلبي احتياجات قطاع الطيران في قطر لفترة 40 سنة قادمة، وعليه المساهمة في تعزيز مكانة قطاع الطيران في قطر. كما لعب دورا محوريا في تطوير البنية التحتية في البلاد لما لذلك من تأثير على مجمل النشاط الاقتصادي. بالنظر للأمام، من شأن استضافة دبي لمشروع أكسبوا في عام 2020 إفساح المزيد من الفرص للقطاع الخاص وبالتالي تعميق ظاهرة التنويع الاقتصادي في الإمارة. من جملة الأمور، يتوقع أن تتمكن قطاعات الضيافة والمؤتمرات والطيران من زيادة أهميتها النسبية في الاقتصاد المحلي على خلفية استضافة هذا الحدث العالمي الكبير.من جهة أخرى، يتوقع أن يساهم كأس العالم 2022 في تعميق التنويع الاقتصادي في الاقتصاد القطري عبر الاستثمار في العديد من القطاعات. على سبيل المثال، سوف يساهم مشروع مترو الدوحة في تحسين الفرص لعدد من القطاعات مثل البناء والتشييد. في كل الأحوال، من الأهمية بمكان التركيز على مواطن القوة في أي اقتصاد عند الحديث عن التنافسية الاقتصادية برمتها. ويمكن القول بكل أريحية بأن التنويع الاقتصادي عملية مستمرة الأمر الذي يتطلب متابعة دائمة والتزامات من القائمين على الشأن الاقتصادي في المنظومة الخليجية.بالنظر للإحصائيات المتوافرة، لا مناص من بذل المزيد من الجهود لتنويع الاقتصاديات الخليجية بعيدا عن النفط. على سبيل المثال، يعتمد اقتصاد الكويت بشكل خاص على النفط لتحقيق الرفاهية المطلوبة للناس والقطاعات. يشار إلى أن القطاع النفطي يمثل 93 في المائة من واردات الخزينة، ونحو 90 في المائة من الصادرات فضلا عن 45 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي من الأمور المفرط عنها بشكل واضح.لحسن الحظ، تمتلك دول مجلس التعاون الخليجي الموارد اللازمة لتنويع اقتصادياتها بعيدا عن النفط المحلية حيثما كان ذلك ممكنا. في بداية 2015، سيطرت الدول الست بصورة مجتمعة على ثروة سيادية ضخمة قدرها 2.7 تريليون دولار أو 38 في المائة من الثروة السيادية على مستوى العالم، أي نسبة جديرة. لا غرابة، يعتبر القطاع النفطي المصدر الأول لهذه الثروة السيادية. يتطلب الأمر الاستفادة من عائدات النفط لتنويع الاقتصاديات المحلية بعيدا عن القطاع النفطي، أي استخدام النفط للابتعاد عن النفط وفي ذلك تحد. ختاما، تحتاج السلطات للاستفادة من المؤسسات الأكاديمية ومراكز البحوث، والمجتمع المدني، ووسائل الإعلام والهيئات المنتخبة في إطار البحث عن السبل الكفيلة لمواجهة تحدي التنويع الاقتصادي. مؤكدا، ليس من الصواب محاولة تقليد اليابان في التقنية أو الصين في كلفة الإنتاج بالنظر لحالة الخصوصية لدى كل بلد بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي.