10 سبتمبر 2025

تسجيل

نُصرَة النفس وخالتي نصرة

22 مارس 2011

حين تعود الحياة إلى صوابها من بعد فترة تكون لكسر (النمط اليومي) الذي يسير عليه يومنا، وتسري عليه وعلينا كل ظروفه وشروطه، ينتابنا الملل، ويغلب علينا الضيق، حتى وإن حاولنا التظاهر بمظاهر الفرح، لنخبر من حولنا بأننا بخير، وبأنها وبلاشك مرحلة جديدة يغلبها النشاط، (نعم) ينتابنا الملل، ويشعر منا من يشعر بأن هناك ما يجبره على متابعة الأمور التي بدأها، فلا تظل معلقة، ولكن ورغم وجود ذاك الشيء الذي يخلق فيه ذاك الإحساس إلا أننا نجده وقد بدأ بإفراز تلك المدعوة (شكوى)؛ وذلك لأن إفرازها أمر وارد يرد علينا كنتيجة طبيعية لوقع الضغوطات، ولكنه يختلف وفي كل مرة بحسب من يفرزها تلك الشكوى، ولأنها أي (الشكوى) تأخذ حيزاً من حياتنا، فلقد رغبت لأن يُخصص حديث اليوم فيكون عن خالتي (نصرة). منذ سنوات مضت كتب الله لي فرصة الالتقاء بهذه السيدة الطيبة، وهي أم صديقة مقربة مني جداً، دخلت علينا ذات مرة بملامح جادة حادة أجبرت علامات الخوف على الرقص فوق رأسي، فكانت النتيجة أن مساحات الحديث بيننا لم تكن لتتجاوز حدود السلام، ولكن بمرور الوقت، وبحكم (امتداد العلاقة)، فلقد تمادت المعرفة على حدودها، وصرنا نتحدث أكثر وأكثر، لتظهر بذلك حقيقة تلك الإنسانة التي اختفت حلاوة روحها خلف تلك الملامح (الجادة الحادة). لم تكن خالتي (نصرة) بتلك الصورة التي رأيتها عليها منذ البداية، ولكنها صارت كذلك نتيجة تحملها لضغط ظروف الحياة، التي تقبلتها بكل صبر، (الصبر) الذي نملك منه بعضه وتختلف درجته من شخصٍ لآخر، ولكنه يكاد يكون معدوماً لدى البعض، (نعم) هو كذلك، إذ أن هناك من يستيقظ يومياً ليندب حظه، ويبكي على الدرجة التي بلغها، معلناً تذمره وسخطه على الجميع، وكأنه يسألهم الابتعاد عنه حتى تهدأ نفسه، هذا إن هدأت فعلاً ليهدأ من بعدها، فالمشكلة الحقيقية بالنسبة لهذا الشخص تكمن في أنه في كل مرة وفق حساباته الخاطئة يحسب أن التذمر سيمتص غضبه، وأن تَحَمُل من حوله لـ (تقلب مزاجه)، وانحداره لتلك الدرجة التي قد لا يطيقها (هو) ما هو إلا حقه الذي يستحقه منهم، وواجبهم الذي لابد وأن يكون، حتى وإن تسبب فعله ذلك بجرحهم، ليأخذهم في نهاية المطاف إلى الابتعاد عنه. هناك الكثير ممن يعانون كذاك الشخص، ولا تقف معاناتهم عليهم ولكنها تمتد إلى من حولهم. تخيل إن كان هو هذا وضعك، فكان أن حاصرتك الظروف الصعبة من كل جانب، فما هو فعلك حينها؟ لقد تعرضت خالتي (نصرة) لكثير من الضغوط، لكنها رغم ذلك لم تكن إلا لتنطق بهذه الكلمات: (الحمد لله على كل حال)، حتى انها برغم تدهور حالتها الصحية، ومصارعتها لـ (مرض السرطان) المتمكن من كل جسدها الذي نكاد بالكاد نراه ما زالت تكررها تلك الكلمات (الحمد لله على كل حال). أيها القارئ لربما لا تعرفها خالتي (نصرة)، ولا تعرف المعاناة التي نتحدث عنها، لكنك بلاشك تواجه من المشكلات ما قد يقتل قدرتك على مقاومتها، ولربما يصل بك الأمر لحد البكاء والتسليم، فإن حدث لك ذلك متى حدث، فإن كل ما نريده منك هو تذكر خالتي (نصرة) وكل من يعاني معاناة لربما تتقلص معاناتك خجلاً أمامها؛ لأنه يحمل من الأمل ما يوازيه من الألم فلم يُسلم، بل على العكس قاوم، وكانت مقاومته أكبر منها مقاومتك وأنت الصحيح. وأخيراً تذكر: أن كل مشكلة تكون ويكون من قبلها (الحل)، وكل حل وُجِدَ لينتظر قلباً يبحث عنه وبصدق كي يكون. وفق الله الجميع، وكتب الفرج والشفاء لخالتي (نصرة) ولكل مسلم اللهم آمين. ومن جديد راسلوني بالجديد: [email protected]