15 سبتمبر 2025

تسجيل

إصرار إسرائيل على اجتياح رفح.. الأهداف والسيناريوهات

22 فبراير 2024

خلال الأيام العشرة الأخيرة، تصدرت مسألة إصرار إسرائيل على اجتياح مدينة رفح في قطاع غزة، المشهد الإعلامي والسياسي الدولي، نظراً للتداعيات الخطيرة المرتقبة لهذا الاجتياح، لاسيما على مستوى العلاقات بين مصر وإسرائيل. قال نتنياهو ومعه أعضاء بارزون في حكومته، إن الانتصار في الحرب وتحقيق أهدافها يتوقف على هذا الاجتياح. وقال آخر في حكومته إن منع إسرائيل من اجتياح هو بمثابة القضاء على إسرائيل. وهو ما يشير عن جدية بالغة من إسرائيل لتنفيذ الاجتياح، رغم التداعيات الخطيرة. تتضارب الاجتهادات حول أهداف إسرائيل من الغزو، لكننا نرجح ثلاثة أهداف تبدو أكثر واقعية، أولها، إحكام السيطرة التامة على القطاع أو محاصرة بالكامل داخليا وخارجيا لاسيما بعد السيطرة على محور فيلادلفيا. والثاني، إيهام الرأي العام الإسرائيلي بتحقيق أهداف جوهرية في الحرب بعد الفشل الذريع في تحقيق أية من الأهداف المستحيلة التي حددتها إسرائيل منذ طوفان الأقصى خاصة هدف القضاء على حماس وتحرير جميع الرهائن. إذ تدور السردية الإسرائيلية في هذا الصدد حتى على لسان نتنياهو أن القضاء على حماس والأنفاق وتحرير الرهائن مرهون باجتياح رفح. والثالث وهو يعد صلب الإشكالية الكبرى الضغط على نازحي القطاع المتمركزين في الجنوب للفرار على الحدود المصرية وتقدر أعدادهم بنحو المليون ونصف المليون. هل تستطيع إسرائيل تنفيذ الاجتياح بالفعل؟ في الواقع يبدو الأمر في غاية التعقيد ومسار لتكهنات وضغوط عدة. إذ في ضوء مبررات وأهداف إسرائيل السابقة، يبدو أنها عازمة بشكل قوى على الاجتياح، لاسيما وأن هذا الاجتياح يبدو في نظر حكومة إسرائيل الحالية طوق النجاة من الإقالة ثم المحاكمات. لكن في الوقت عينه، ثمة عواقب وتحديات شديدة الجسامة جراء هذا الاجتياح، تعلمها إسرائيل جيداً. العقبة الرئيسية التي تواجه إسرائيل هي تأثير الاجتياح على علاقاتها مع مصر، وخطورة الاجتياح تنبع من أمرين، أولا يعد انتهاكا واضحا لمعاهدة «كامب ديفيد» لأنه سيمتد إلى الشريط الحدودي ومحور فيلادلفيا وهى المنطقة العازلة منزوعة السلاح بين إسرائيل ومصر بحسب المعاهدة. وثانيا، سيؤدى الضرب المكثف في رفح إلى دفع سكان القطاع على المعابر المصرية للدخول إلى سيناء. لذا، هددت مصر صراحة بتعليق العمل باتفاقية كامب ديفيد إذا نفذ الاجتياح. فضلا عن ذلك، قد يدفع الاجتياح إلى فتح جبهات مواجهة مع إسرائيل من قبل حركات المقاومة، وربما تمتد إلى حرب إقليمية، نظراً لمستوى الضحايا الجسيم المرتقب جراء هذا الاجتياح. وإزاء ما سبق، تتبلور ثلاثة سيناريوهات- مرجحين بشكل متساوٍ - لا رابع لهم، بشأن الاجتياح: الأول- تنفيذ الاجتياح، رغم تداعياته الخطيرة والتي قد تصل إلى مواجهة عسكرية مع مصر. إلا أن سلوك وتصرفات حكومة إسرائيل منذ السابع من أكتوبر التي يغلب عليها الانتقام والعشوائية، قد يرجح تنفيذ الاجتياح. الثاني- تأجيل الاجتياح إلى أجل غير مسمى، وليس إسقاطه تماما. والاكتفاء بتكثيف الضرب في الجنوب حتى خان يؤنس ودير البلح، على أمل ممارسة المزيد من الضغوط على حماس للإفراج على الرهائن بدعم وضغط خارجي، وإخراج قيادة حماس من القطاع. والثالث-وهو المرجح نسبياً، التخلي تماما عن فكرة الاجتياح بسبب العقبة المصرية المانعة. وهنا يجب أن نضع في الاعتبار أن الولايات المتحدة لديها عقيدة ثابتة وهى منع أية حرب بين حليفين بشتى الطرق. فضلا عن ذلك، يدرك عقلاء إسرائيل وهم قلة محدودة أن إسرائيل لن تقوى على فتح جبهة توتر مع مصر الآن. ولعل ما قد يرجح هذا السيناريو أيضا الجهود الجبارة التي تقودها أطراف إقليمية على رأسها قطر لإثناء إسرائيل عن خطوة الاجتياح.