03 نوفمبر 2025

تسجيل

ثروة سيادية ضخمة لدول التعاون

22 فبراير 2015

تحتفظ دول مجلس التعاون الخليجي بثروات سيادية ضخمة بالمقاييس العالمية رغم الانخفاض الحاد لأسعار النفط لاسيَّما في النصف الثاني من عام 2014، اللافت في هذا الصدد حدوث نمو وليس انخفاضا لقيم صناديق الثروة السيادية للمنظومة الخليجية في غضون سنة.فحسب معهد الثروة السيادية والذي يتميز برصده للثروات السيادية، تم تسجيل نمو مطرد لصناديق الثروة السيادية في الآونة الأخيرة كل هذا في الوقت الذي يشكل فيه القطاع النقطي قرابة 60 بالمائة من الثروات السيادية. فاستنادا لأحدث إحصاءات المعهد، تبلغ قيمة الثروات السيادية في الوقت الحاضر نحو 7111 مليار دولار مرتفعا عن 7057 مليار دولار و6831 مليار دولار و6609 مليارات دولار في ديسمبر وسبتمبر ويونيه من عام 2014. وهذا يعني تسجيل نمو مطرد لقيم الثروات السيادية خلال فترة هبوط أسعار النفط ما يعد أمرا مميزا وربما دليلا على التوسع خارج القطاع النفطي وحسن توظيف الأموال. وتبين من التقرير بأن حجم الثروة السيادية لدول مجلس التعاون الخليجي بصورة مجتمعة في حدود 2676 مليارا حسب آخر الإحصاءات المتوفرة. يعد هذا الرقم ضخما كونه يشكل نحو 38 بالمائة من الثروة السيادية على مستوى العالم الأمر الذي يعكس جانب من الأهمية النسبية الكبيرة للمنظومة الخليجية على مستوى العالم. طبعا، يضاف ذلك لبعض الظواهر الأخرى حيث تسيطر على قرابة ربع الثروة الإنتاج النفطي العالمي. حاليا، تعتبر السعودية أكبر منتج وأكبر مصدر للنفط الخام، كما تعد دول مجلس التعاون لاعبا مهما في مجال الغاز الطبيعي من خلال قطر. بل يلاحظ تعزيز لحجم وأهمية الثروات السيادية لدول مجلس التعاون الخليجي في السنوات القليلة الماضية. بالعودة للوراء، شكلت الثروة السيادية الخليجية نحو 36 بالمائة من مجموع الثروة السيادية العالمية في شهر مارس 2014. كما بلغت قيمة الثروة السيادية لدول مجلس التعاون 1775 مليار دولار مع نهاية عام 2012. وهذا يعني بأن حجم الثروة السيادية لدول مجلس التعاون ارتفع بنحو 900 مليار دولار في غضون سنتين تقريبا ما يعد إنجازا. كما أشرنا سلفا، تسيطر دول مجلس التعاون على إحصاءات أفضل في الوقت الحاضر فيما يخص حجم الثروة السيادية وأهميتها العالمية. بمزيد من التمعن، تستحوذ الإمارات وحدها على أكثر من تريليون دولار أو 1079 مليار دولار بشكل أكثر دقيق مشكلا أكثر من 15 بالمائة من الثروة السيادية على مستوى العالم. يشتمل الرقم على ثروات تابعة لصندوق أبو ظبي للاستثمار ومجموعة من المؤسسات التابعة للإمارة مثل مبادلة فضلا عن الثروة التي تتبع إمارة دبي. ويلاحظ في هذا الصدد بأن قيمة الثروة السيادية التي تتبع هيئة أبو ظبي للاستثمار تأتي في المرتبة الثانية دوليا من حيث القيمة بعد صندوق للمتقاعدين يعود للنرويج. يعرف عن النرويج وهي نفطية صرف نسبة من العوائد النفطية فقط والاحتفاظ بالباقي للأجيال القادمة تأكيدا لمبدأ وسياسة عدم استفادة جيل واحد على حساب أجيال أخرى من ثروات البلاد. بكل تأكيد، تتميز النرويج عبر هذه السياسية عن باقي الدول النفطية حيث لا تتغير ظروفها الاقتصادية سلبا أو إيجابا بالنظر لأسعار النفط في الأسواق العالمية.إضافة إلى ذلك، تمتلك ثلاث دول أخرى أعضاء في مجلس التعاون الخليجي ثروات سيادية ضخمة بالمقاييس العالمية على النحو التالي: 763 مليار دولار للسعودية و548 مليار دولار للكويت و256 مليار دولار لقطر. يشار إلى أن قطر تتميز بالكشف عن استثماراتها الدولية بشفافية خاصة من قبيل إعلان تفاصيل الاستحواذ على متاجر هارودز الشهيرة في لندن.في المقابل، لدى عمان والبحرين ثروات سيادية محدودة بالمعايير الخليجية أي 19 مليار دولار و11 مليار دولار على التوالي.حقيقة القول، لدى مجلس التعاون سجل حافل للاستخدام المسؤول للثروة عبر توجيه جانب من الأموال لحل مشكلات دولية، وقد تبين ذلك بشكل جلي عند ذروة أزمة سوق الرهن العقاري في عام 2008 عندما أبدت المنظومة الخليجية استعدادا للمساهمة بسخاء في صندوق خاص بقيادة صندوق النقد الدولي للمساعدة للتعامل مع بضع جوانب الكارثة المالية. أيضا، اعتمدت بعض البنوك الدولية على الدعم المالي من مجلس التعاون الخليجي عبر استحواذ حصص في المؤسسات المالية بغية التغلب على الأزمة. أيضا، أسهمت بعض دول مجلس التعاون مثل قطر بالاستثمار في اليونان في ظل أوضاع اقتصادية غير مؤتية بسبب أزمة المديونية العامة لهذه الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي. بل أبدت وتبدي دول المجلس استعدادا للاستفادة لجانب من الأموال لحل مشكلات طارئة على الصعيد المحلي. فقد وظفت الكويت جانبا من ثروتها السيادية لتحرير البلاد في عام 1990 مع توفير مساعدات مالية كريمة لرعاياها الذين أقاموا في الخارج طيلة فترة العدوان. يشار إلى أن الكويت سباقة على مستوى دول مجلس التعاون في تأسيس صناديق للثروات السيادية، حيث تم تأسيس هيئة الاستثمار الكويتية في عام 1953. كما قدمت أبو ظبي مساعدات لدبي في عام 2009 للخروج من أزمة المديونية التي ظهرت بصورة مذهلة بعد الإعلان عن تأخير سداد بعض الالتزامات المالية. وعلى مستوى المنظومة الخليجية، أبدت الدول الأربع صاحبة الثروات السيادية اللافتة عن نية تقديم عون مالي قدره 10 مليارات دولار لكل من البحرين وعمان لغرض معالجة بعض الأسباب التنموية والاقتصادية والمعيشية التي أسهمت في حصول أحداث سياسية وأمنية مطلع 2011 عملا بمبدأ الصديق وقت الضيق. ختاما، يبدو أنه عندما يتعلق الأمر بالثروات السيادية فإن الكثير من الطرف تؤدي إلى دول مجلس التعاون الخليجي خصوصا الإمارات والسعودية والكويت وقطر في ظل الاستعداد لتقديم المساعدة.