14 سبتمبر 2025
تسجيللإدراك السلام الداخلي الذي يحتاجه القلب، فإنه بحاجة ماسة إلى التطهير الدائم بين الحين والآخر وذلك لأن (المطالبة بالسلام) لن تتحقق بسهولة خاصة إن كانت صفحة القلب مُلطخة بالمشاعر السلبية التي تمنعنا من رؤية كل محاولات الإصلاح، التي نحتاج إليها؛ كي نمضي نحو حياة أفضل لن تكون لنا إلا إن قمنا بتطهير قلوبنا وتعرفنا على كيفية فعل ذلك إن لم نكن لندرك الكيفية، التي يمكننا بها ترقب بداية جديدة.اللحظات التي نعيشها في حياتنا تجعلنا نتشارك الكثير مع كل من حولنا، ومن الطبيعي أن تفرز تلك المشاركة شحنات لا تكون في أغلب الوقت إيجابية، فمنها ما يعاني من سلبية؛ بسبب المشاحنات التي تشتعل بيننا وبين من يقاسمنا هذه الحياة، ولأننا بشر فإن مواجهة تلك المشاحنات بعقلية متفتحة لا تكون الخطوة التي ننادي بها دوماً؛ لأنها حتى وإن كانت الخطوة الواجب اتخاذها وبتعقل في كل حين، إلا أنها ستظل ضمن إطار الواجب الذي نفر منه أحياناً حين يفقد العقل زمام الأمور، ويتدخل القلب الذي يتميز بالتهور والتأثر بما يدور من حوله بشكل جنوني؛ لأنه يشعر دون أن يرى، ويتصرف دون أن يفكر، حتى لينتهي الأمر من قبل أن يبدأ، وبعد أن يسدل الستار مُعلناً نهاية المسرحية، يفيق العقل من غيبوبته ويدرك تلك الفوضى التي تسبب بها القلب، ويكون الوقت قد فات بعد أن خلف لنا الكثير من الخسائر التي لن ندرك كيفية تعويضها، وهو كل ما يمكن تجنبه إن أدركنا كيفية القيام بتلك الرياضة القلبية الطيبة، ألا وهي (رياضة التسامح) التي تحرك عضلة القلب بما يُرضي الله، ولا تسمح له بأن يعاني من تخمة تجمع الأحقاد فيه، فلا يستطيع القيام بأي شيء سواه تخزين المواقف التي تشعله كل الوقت وتُحمله على الانتقام، الذي نسأل الله زواله قبل أن يكون.أيها الأحبة: إن موضوعنا اليوم عن (التسامح) الذي يترجم قوة المُطالب به في حياته، وليس ضعفه، كما يحسب من لا يُجيد الحساب، ويعتقد بأن بذل التسامح دليل ضعف شديد يكسر قلب صاحبه، ويُظهره بمظهر غير لائق، فالتسامح وفي حقيقة الأمر ما هو إلا حاجة مُلحة يحتاجها القلب؛ كي يدرك معنى النقاء، ومن بعده معنى أن تكون الحياة صافية لا تعاني من أي شيء، يمكن أن يأخذها وفي نهاية المطاف إلى ما تمقت، وهو ما ستفقد معه الحياة (حياتها) حين يكون ذلك، ونأمل الا يكون من الأصل، وفي سبيل تحقيق هذه الأمنية فلقد قمت بطرح هذا الموضوع في هذا اليوم على أمل أن نخرج بما يمكن أن يعود بفائدته على الجميع إن شاء الله.من همسات الزاوية الثالثةالنهاية المرجوة هي تلك التي تعتمد على ما كان منا في البداية المُطلقة، فإن كانت طيبة كان ما بعدها كذلك، وإن لم تكن (لا قدر الله لنا ذلك) فستكون النهاية من اختيارنا نحن أيضاً؛ لذا فلنتذكر دائماً أن الخير هو خير ما يمكن أن نتقدم به للآخرين؛ لنأخذه منهم وفي المقابل، حتى وإن لم يبادروا به منذ البداية.أخي العزيز: فلتسامح إن ظلمك الآخرون؛ لأنك لم تُخلق لتحاسب وتعاقب، بل لتعطي أفضل ما لديك؛ كي تأخذه فإن لم يكن من نصيبك في الدنيا، فلاشك أنه ما سيكون في الآخرة، وكل ما تحتاجه؛ كي تؤكد على ذلك هو أن تؤمن بالله، وبأن حقك سيكون لك وإن تأخر عليك؛ لذا سامح وتعلم مبدأ التسامح فغير ذلك لن يُعطيك إلا الألم والأذى، وكل ما لن ترغب به لنفسك أبداً، وكان من الممكن أن تتجاوزه إن أدركت منذ البداية معنى التسامح.