19 سبتمبر 2025

تسجيل

تباين أداء الاقتصاد السعودي

22 يناير 2017

الخطوة الأخيرة لصندوق النقد الدولي بخفض مستوى توقعات النمو للاقتصاد السعودي لعام 2017 ليست مدعاة للقلق. فمن ناحية، يرتبط التطور بظاهرة تخفيض إنفاق القطاع العام. لكن من ناحية أخرى، يؤكد تراجع الإنفاق سعي الحكومة لترشيد الإنفاق في بيئة الأسعار المنخفضة للنفط.يتوقع صندوق النقد الدولي أن يحقق الاقتصاد السعودي نموا محدودا قدره 0.4 بالمائة في 2017، متراجعا عن التوقعات الأصلية أي 2 بالمائة. يرتبط الأمر بشكل جزئي بانخفاض إنتاج النفط.وفي هذا الصدد، تحملت المملكة مسؤولية خفض إنتاج النفط داخل أوبك في محاولة لدعم أسعار النفط. تحوم أسعار النفط حول 50 دولارا للبرميل الواحد أي أقل بكثير من الأسعار التي كانت سائدة قبل هبوطها في منتصف 2014. مؤكدا، هذه ليست أنباء طيبة بالنسبة للمملكة، وهذا ما يمثل الحاجة لتقليص الإنفاق وتعزيز الدخل حيثما أمكن ذلك.أعدت السعودية موازنة السنة المالية 2017 بنفقات وإيرادات بنحو 238 مليار دولار و185 مليار دولار على التوالي، وهذا يترك وراءه عجزا قدره 53 مليار دولار. اللافت أن إجمالي الإيرادات المتوقعة ارتفع بنسبة 31 بالمائة مقابل المستوى الذي تحقق في عام 2016 أي 141 مليار دولار. ومن جملة الأمور لتعزيز الإيرادات، سعت السلطات لتقليص الدعم وزيادة أسعار المنتجات مثل الكهرباء، ورفع رسوم الخدمات الحكومية، فضلا عن العقوبات مثل تجاوز السرعة بالنسبة للمركبات.وفيما يتعلق بالنفقات، تشمل التدابير خفض رواتب كبار المسؤولين مثل الوزراء والعلاوات إضافة إلى تأجيل أو شطب بعض المشاريع. وتبين أن لدى مؤسسة برايس ووترهاوس كوبرز عقد لتقديم المشورة لمراجعة مشاريع قيمتها 69 مليار دولار بغية خفضها بحوالي الثلث أو 20 مليار دولار.. هذه المشاريع تتبع وزارات الإسكان والنقل والصحة والتعليم.لا شك، أن انخفاض الإنفاق يقوض تقديرات النمو. ولا غرابة، يعتمد العديد من المستثمرين من القطاع الخاص على أوجه صرف القطاع العام من أجل رفاه أعمالهم.وكتحد إضافي، المتوقع من مؤسسات القطاع الخاص إيجاد فرص عمل جديدة للمواطنين حتى يتسنى معالجة معضلة البطالة في القوى العاملة المحلية. بمعنى آخر، لم يعد بمقدور القطاع العام توفير الكثير من فرص العمل المطلوبة للمواطنين بالنظر لخفض الإنفاق. بالتطلع للأمام، لا يتوقع أن تواجه السعودية صعوبات في الحصول على أموال من أسواق المال الدولية. في أكتوبر عام 2016، تمكنت السعودية من جمع 17.5 مليار دولار عبر إصدار سندات في أسواق رأس المال، وهو أكبر إصدار ضمن الاقتصادات الناشئة. بل حصل الإصدار على عطاءات قدرها 67 مليار دولار وبالتالي تغطية المبلغ المطلوب عدة مرات.ويتوقع أن تسعى السلطات للحصول على حوالي 15 مليار دولار عبر إصدار سندات اليورو في الأسواق الدولية خلال عام 2017 للمساهمة في سد النقص المالي.واستنادا لتجربة 2016، من المستبعد ظهور معضلات خلال عملية الإصدار، حيث يتوقع أن يكون الطلب أعلى من المطلوب.لحسن الحظ، الجهود المضنية لإعادة هيكلة وترشيد مصادر الإنفاق والإيرادات تؤتي ثمارها. فقد بلغ العجز الفعلي للسنة المالية 2016 تحديدا 79 مليار دولار، متراجعا عن الرقم المفترض للسنة نفسها أي 87 مليار دولار وذلك على خلفية تعزيز الإيرادات. في المقابل، بلغ حجم العجز لعام 2015 وهي أول سنة مالية كاملة بعد انخفاض أسعار النفط رقما قياسيا وقدره 98 مليار دولار. العجز المقدر لعام 2017 مقداره 53 مليار دولار لكن ربما يقل الرقم النهائي بالنظر للإصرار الرسمي للحد من النفقات ورفع الإيرادات.