14 سبتمبر 2025

تسجيل

تَكَلَم محمد الحيدر وقال: تكلم

22 يناير 2013

الحياة سلسلة من الأحداث التي تحدث وتأخذ حيزها منا، منها ما نقبل به ونتقبله فنعلن عن ذلك بقبلة نطبعها على جبين الأيام؛ لتمضي في سبيلها نحو جديدها الذي يُخفي في رحمه جديداً يختلف عن كل ما سبقه، ويحتاج لمن يكتشفه ويتعايش معه بحكمة تجعله أفضل مما كان عليه، فيكون كذلك بمجرد أن يعتمد على حقيقة أن (الخير في القادم)، ومنها ما نرفضه وبشدة وإن فُرِض علينا، ويكون ذلك بامتطاء صهوة البعد والهروب بعيداً حيث مجهول لا يملك لنا سوى حفنة من الخيارات المجهولة التي نعيش على أمل أن تكون هي الأفضل وإن لم تكن كذلك أصلاً، والمصيبة إن تابعنا تلك الرحلة دون أن تحثنا عليها سوى المشاعر السلبية التي تُحملنا على ذلك؛ لنصل إلى نهاية لا ندرك معها إن كنا يوماً أو لم نكن. لا يخفى على كل متابع لهذا العمود (كلمات صالحة للنشر) بأني قد ودعت أبي رحمة الله عليه منذ أيام للبعض هي كذلك، ولي هي أكثر من ذلك، ولا يخفى أيضاً أن حالة الحزن التي تغمر الإنسان برحيل أقرب الناس إليه لا يمكن بأن تكون (هينة لينة) أبداً، وأن الحياة وإن رغبت بالمضي قدماً حين تقول لنا (life goes on) لن تستطيع فعل ذلك، ولن تكون بالنسبة لنا كذلك؛ لأنها لن تمضي ما لم نعد إلى صوابنا ونؤكد على ما قد جاءت به، من خلال العودة إليها بمزاولة ما كان منا من قبل، وكل ما يجدر بنا القيام به كجديد سيُضفي علينا وسيضيف إلينا ما يعبر عن كل ما نملكه في أعماقنا، وهو ما سيتحقق لنا لحظة اتخاذ ذاك القرار، الذي ينص على متابعة الحياة، ولا يعني بتاتاً بأن من رحل عنا قد رحل دون أن يترك أثره في قلوبنا، لكنه ما يعني بأننا سنتابع وسنمضي؛ تعبيراً منا عن حب حقيقي لابد وأن يستمر بمتابعة كل ما كان يربطنا ببعضنا البعض. الخروج من دائرة الماضي رحيل من نحب عن الحياة، لا يعني رحيلنا عنها أيضاً، بتمسكنا بدائرة الماضي، التي ستحجزنا حيث نحن، دون أن نتمكن من الخروج منها؛ لتشبث الذكريات القديمة بنا، لكنه يعني تعلقنا بها أكثر؛ لتحقيق كل ما كان ليحققه من رحل عنا، وبجودة أفضل تُسعده وتُشرفه، فغير ذلك من غياب عن ساحة العطاء لن يترجم أي شيء سواه (الظلم) الذي سيتحقق من خلال ردم وهدم كل الأحلام المشتركة التي سبق وأن رسمناها معاً، وخاضت كل المراحل سواها (مرحلة التنفيذ)، التي لا يجدر بها إلا وأن تكون لنا يوماً؛ كي تمضي الحياة وبكل فخر نحوها الغايات التي وإن اختلفت إلا أنها ستظل متفقة على حقيقة واحدة وهي: أنها تستحق بأن تكون؛ كي نعلن بها حبنا لمن رحل عنا، ونؤكد من خلالها حرصنا على تحقيق ما كان يرجوه ويحلم به. لاشك بأن كل واحد منا قد فقد في الحياة من يعني له الحياة، ولاشك بأن منا من قد دخل تلك الدائرة وإن لم يكن ليرغب بذلك، ولاشك بأن الخروج منها هو الطبيعي وإن تأخرت هذه النتيجة وبجنون، الجنون الذي سيظل كذلك إن استمر الوضع على ما هو عليه، دون أن نقرر الخروج، والحق أن قرار الخروج يحتاج لرغبة صارمة تنبع من الداخل؛ ليجذبها إلى الخارج من يملك الكيفية والقدرة والرغبة الحقيقية بالمساعدة، كتلك التي حصلت عليها عن طريق كلمة واحدة ظلت تتكرر من أمامي وهي (تكلم)، الكلمة التي نادى بها (محمد الحيدر) من خلال شعار مركزه (تكلم للتدريب والتنمية البشرية)، والحق أن اسم المركز يتحدث عن نفسه، وله القدرة على التعبير عن توجهه الذي سيأخذنا نحو المراد، وما عساه يكون سوى (أن نتكلم) ونُعبر عنا؛ ليعرف الجميع ما نحن عليه، وما هي أحلامنا وطموحاتنا التي رغبنا بها يوماً. إن رغبتي بالخروج من تلك الدائرة قد بدأت من الداخل، وخرجت مني؛ كي أخرج أنا أيضاً من الدائرة حين وجدت رداً على طلبي للمساعدة، والذي جاء من محمد الحيدر مؤسس مركز (تكلم للتدريب والتنمية البشرية)، الذي أخذ على عاتقه مهمة تزويد المجتمع بشخصيات متألقة تتمتع بإرادة رشيقة تدرك ما تفعله وكيف تفعله في الوقت المناسب من خلال ما قد سخره من علم حصده بعد رحلة علمية حملت ضمن محطاتها الكثير من الإنجازات بين قطر وبريطانيا، وهو كل ما قد كسبه من أدوات مكنته من التميز بما يمتلكه من مهارات خاصة بالتعامل مع الطفل، الزوج والزوجة، العملاء، إضافة إلى مهارات التأثير، وتحفيز الآخرين، وبناء العلاقات، وهو ليس كل ما يملكه الحيدر، إذ أن هناك المزيد مما يملكه في جعبته ويستحق بأن يُعرف كقدرته على مد الأفراد بمفاتيح النجاح في الحياة؛ لتحقيق الأهداف، من خلال التعرف على فلسفة النجاح، وعلاقة ذاك الأخير بالسعادة، وقدرته على المضي قدماً؛ لتحقيق الأحلام، وهو كل ما يمكن بأن يكون بالتعرف على مهارات تطوير الذات، والتي تستند إلى تقديرها والثقة بالنفس، والتسويق لها، وهو ما لا يكون للكبار فقط، إذ أن للأطفال نصيبهم من بناء الثقة بالنفس، والتحفيز الذاتي الذي يطول الجميع، ويمكن إدراكه من خلال التعرف على رسالة الحياة، التي تحتاج لمهارات أخرى يدركها الحيدر ويسعى إلى بثها بين أفراد مجتمعه، ولعل أهمها مهارات التواصل الفعال، ومهارات الإلقاء، وغيرها من المهارات التي جعلته مصدراً مُلهماً نستمد من خلاله الطاقات التي نحتاج إليها؛ كي تعود الحياة إلى صوابها، ونعود معها إلى ما كنا عليه وبوضع أفضل، والحقيقة أن ما قد مدني به الحيدر قد كان محفزاً، ودفعني دفعة قوية نحو أهداف جديدة سنتعرف عليها وعلى تلك الحلول التي جاء بها في المرة القادمة إن شاء الله، حين يكتب الله لنا اللقاء من جديد. كلماتي الأخيرة تريد أن تحزن فلتفعل، ولكن دون أن تسمح لذلك بأن يمتد ويتمادى عليك؛ لتصل إلى مرحلة سيتضاعف فيها حزنك على من قد خسرته وعلى ما قد خسرته، وعليه فلتتذكر بأنك مازلت على قيد الحياة ويجدر بأحلامك وطموحاتك بأن تكون كذلك.