18 سبتمبر 2025

تسجيل

من تونس بدأت ثورة العرب ضد الطغاة

22 يناير 2011

قالت الصحف البريطانية إن الثورة الشعبية ممكنة حتى في العالم العربي ... وبالرغم من أن هذه المقولة تصدر عن تحيز غربي ونظرة استكبارية وعنصرية وصورة نمطية مشوهة للعرب ... إلا أنني لأول مرة لم أغضب لكرامتي كعربي !!. لو أنني سمعت تلك المقولة العنصرية المتحيزة قبل ثورة تونس لتمعر وجهي غضباً ... فلماذا لم أغضب اليوم ؟ حاولت أن أفسر ذلك ... لكن يبدو أنني نسيت نفسي ومشاعري وتطلعت إلى المستقبل على ضوء هتافات أهل تونس . تمنيت أن أقبل رأس كل تونسي يهتف تونس حرة حرة . فأنا أعشق الحرية لأنها أساس النهضة والتقدم . ولكي نشحذ أبصارنا لنرى المستقبل لابد أن نقرأ بشكل صحيح الإنجاز الحضاري التونسي . أهمية الثورة التونسية أنها جاءت في لحظة قد خضع فيها العرب بشكل تام للطغاة التابعين للغرب ، والذين يقهرون شعوبهم بالوكالة عن الدول الاستعمارية . ولذلك شكلت الثورة التونسية صدمة للغرب جعلته يتعجب من أن العرب يمكن أن يقوموا أيضاً بثورات شعبية وأن العرب يعشقون الحرية ويكافحون من أجل التحرر وأن الشرارة التي انطلقت في تونس ستحرق الطغيان والاستعمار . أعتقد أن الغرب لابد أن يبدأ عملية مراجعة شاملة لكل المسلمات التي تعامل على أساسها مع العرب بعد ثورات الاستقلال ، فثورة تونس تؤكد أن مخططه في الاعتماد على الطغاة المحليين قد فشل . ولقد كان بن علي نموذجاً للطاغية الذي عمل لتحقيق كل أهداف الاستعمار ... لقد كان مجرد عبد لأمريكا وفرنسا ، وحاول أن يقضي على الهوية العربية الإسلامية لتونس ليحول هذا الوطن الجميل إلى منتجع سياحي لإسرائيل ، ولقد كانت معركة بن علي مع شعبه الذي أصر على التمسك بهويته العربية الإسلامية ، وتلك أهم العوامل التي جعلته يستخدم أجهزة أمنه ليسجن مئات الآلاف ويعذبهم ، وليصنع حالة خوف في نفس كل تونسي جعلت الآلاف يفرون هرباً من ظلمه وقسوته إلى بلاد الله الواسعة . كان بن علي نموذجاً للطاغية الذي يتميز بالقسوة والوحشية في مواجهة شعبه بينما كان مجرد عبد للغرب حاول أن ينفذ الهدف الذي لم يستطع الاستعمار أن يحققه . لقد اعتبر بن علي أن الإسلام هو عدوه الوحيد فأطلق أزلامه وعصابته يطاردون كل من يصلي في المساجد ، أو تظهر على وجهه سمات الصلاح والتقوى ، أو ترتدي الحجاب . ولم تسمح أجهزة أمنه بتوظيف أي شاب تشك في التزامه بالإسلام . ولأن هؤلاء الشباب يتميزون بالكفاءة العالية التي كان يمكن أن تصنع التقدم ، وأن تقيم اقتصادا إنتاجياً يوفر فرص العمل بدلاً من اقتصاد الخدامين الذي يقوم على السياحة ، والذي يحتكره أقارب زوجته الذين يمتلكون الملاهي ويتاجرون في المخدرات ، وبذلك حقق بن علي للاستعمار ما كان يتمناه وهو أن تظل بلاد العرب متخلفة وتابعة وفقيرة حتى لا تتطلع الشعوب للحرية والمجد والتقدم وتحقيق الانتصارات . وهذا الطاغية القاسي المتوحش لم يكن فقط عبداً للاستعمار ، ولكنه كان أيضاً مجرد عبد لامرأة . فلقد أطلق يد هذه المرأة لتفعل في تونس ما تشاء ... ولقد سرقت هذه المرأة وعائلتها ثروة تونس حتى أن جريدة لوموند قالت إن هذه المرأة قد فرت بطن ونصف من سبائك الذهب بينما لا يجد أهل تونس خبزا ولا ماء ولا حرية . إنه الظلم والفساد والطغيان في أبشع صوره . لم يكن بن علي زوجاُ لهذه المرأة الجشعة ولكنه كان عبداُ لها تأمره فيطيع ، وتغير الوزراء كما تشاء ، وتدير الدولة كما تريد، وانتشر أفراد عائلتها ينهبون وينشرون الفساد ، فقد تصوروا أنهم يملكون الأرض ومن عليها تماماً مثل الإقطاع في فرنسا في فترة ما قبل الثورة الفرنسية . لقد كانت هي الحاكم الفعلي لتونس ، وكانت تعد زوج ابنتها ليخلف الطاغية الذي تختفي وراءه . وزوج الابنة هو مجرد عبد آخر لها ، وهو يملأ الأرض فساداً وينهب ما يشاء من الأموال ، وعليه فقط أن يطيع أوامرها . وبن علي وقف في آخر ساعته يقول لشعب تونس الآن فهمتكم ... لكن هذا الفهم جاء متأخراً وبعد أن غرق في الآثام وارتكب من الجرائم ما يجعل شعب تونس يلعنه ويكرهه ويتمنى أن يرجمه بالحجارة . لكن هل يفهم الآن بن علي بعد أن ضاعت أبهة الملك والسلطة والعز أنه كان مجرد عبد لامرأة ولقوى الاستعمار ، وأنه سيعيش ما بقى من حياته ذليلاً طريداً شريداً ... فليتجرع الآن كاسات الندم إن كان له عقل يفهم ، وليشرب دموع الحزن على أنه ارتضى لنفسه العبودية لامرأة ولقوى الاستعمار ... أما شعب تونس فليهنأ بالحرية .