30 أكتوبر 2025
تسجيلمرحباً يا قطر، مرحباً أبديّة، في عُرسِكِ، في رُباكِ، في بشاشتِكِ، في ربيعِ شتائك؛ مرحباً، مُؤجّجةً، تصدحُ من سرمدٍ بعيد، تولَدُ من فجرٍ مُصفّى من كلِّ شائبة مُغفَلة، تشعُّ من إشراقٍ يغرقُ بالسَنَى، تأتي مُحمّلةً بالمُنى، تفيض بالرجاء والسلوى. تعدو على حوافر الهيام، تصهل بالحب والسلام. تموج في زُرقتِكِ التي تضفّك، وتسبح في سمائكِ التي تحفّك. تتلوّن بشهابِكِ النضّاح، بلونِ عُنّابِك، وتثغرُ باللآلئ في جِنابك. مرحبًا لا تتوانى، فلا يتخلّلها إبطاء، ولا يشوبها تلعثم. وتعجِلُ لا تستعجل، تذفرُ بالمسك، وتضوعُ بالتنعّم. مرحبًا تشعل الغياهبَ الغائرة، وتُطفئ اللواهبَ الحائرة. وتضيء دياجير القصيد، وتوزِعُ العصافير النشيد. يا قطر يا مداد جودِ الدهر، يا كفّه المُسبِلة، ويمينه الهاطلة؛ يا دَفَق لطفِ الغيب، يا سرّه الوضّاح، وآيته الناطقة؛ يا فيضً نورِ الوجود، يا سؤاله الرضي، وإجابته الراضية. يا وطن، في عيدك، حق لنا أن نشدو بمديحك، وحق لك أن تبدو كما تبدو: صرحًا يرتقي شَممًا، وبحرًا يَعُبُّ عذوبةً، وزُلالًا غير نضوب. أُجِلُّكَ يا وطني جلال الساري - في عتمة الليل- للنجوم، حيث يهتدي بها، ومن أين له الاهتداء بغيرها؟ والظلام يحيط به من كل جانب؟ يا قبس السماء في الدُجى، تبعثني لهفة النظر إليك، وأتأمَلُّك كمشهدٍ يجمع معان الدنيا ويَسبِغُها. يا روض الربيع في القفر، تحملني إليك شهقة الشوق، وأتهيّمُك مرتعًا، تأبّدَ فيه الصِّبا، وادٍ فسيح ورُبى، أمِنت ذئابَهُ الظِبا. لكَ أنتَ، اُنْظُرْ يا وطني نحو بوارق الأبصار التي تخطّفها زهوك، وتَلمَّحْ ضوحَ القلوب التي تملّكْتَ نواصيها، فأَطْلَقَتْ في صداكَ أغانِيها، وإذا ما شَجوْتَ رَقّت إلى شجْوِك. لأنك الوطن الذي يضمُّ في عصور الانفلات، ودهور الشتات، وأزمنة التَّرْكْ، وحِقَبِ التخلّي، وعهودِ التصرّم، وأعوامِ النكران. الوطن الذي يجودُ في قَتَرِ الأيام، وشحّ الليالي، وضنِّ الفائتات، وإمساك المُقبلات، وإحجام السوانح، وامتناع القادرات. عهدناكَ عَلَمًا يرصدُ الطامحون لمثلِه المراصد، وتُذكى إليه العيون؛ وتمثّلناكَ أملًا، تسافر إليه الحقوق والمظالم، وتسلو به الشجون. فكل عهدٍ يا وطن وأنت أنت. نحمدُ فيك ذا العرش دائماً وأبداً. [email protected]