12 سبتمبر 2025
تسجيلإذا طالت بك الأيام والسنون، وزرعت خيراً وأثمرت بساتين العمر، احرص على أن يكون زرعك ذا ثمار حلوة المذاق تنفعك عند رحيلك عن الدنيا، وتقبض ثمنها هناك وهو الثمن العادل الذي يوزن بميزان الحق المبين وليس بموازين الدنيا المختلة الظالمة، والتي تجعل بين البشر فئات وطبقات وابن فلان أو ابن علان فالكل سواسية، فهناك كل المنى المنشود والهناء المقصود والنعيم الأبدي وما تشتهيه الأنفس المتعبة في الدنيا، والذي لا يعادله شيء مما يملكه بنو آدم من قصور ومن زوجات ومن أرصدة ومن مكانه. وأما في الدنيا يظل يترحم عليك الناس كلما أتى أحد بذكرك، وخاصة من يذوق من ثمارك الحلوة التي ظلت ف الدنيا شاهدة على حُسن أفعالك، فالدنيا دار ليست بدارك الحقيقة وإنما هي مؤقتة فلا تعطها أكبر من حجمها وازرع فيها ما شئت فسوف تجني ما زرعت مراً كان أم حلوا، فكم من البشر يأبى ألا يرحل من الدنيا إلا وقد زرعها بنباتات مميتة ومرة فاقت مُر نبات الشريّ ومحمل بذنوب تعجز عن حملها الجبال، وربما أقلها يبعده عن الجنة بعد المشرقين عن المغربين والعياذ بالله، ويقربه من النار أعاذنا الله وإياكم أقرب من شرك نعليه، وكل ذلك طبعاً بأمر الله له الأمر من قبل ومن بعد. ومسكين هذا الإنسان الضعيف الجاهل الذي توهم أنه يستطيع أن يحارب خالقه ورسوله وهو يعلم أن له رحلة مغادرة لا رجعة منها أبداً، فتجد البشر يتقاتلون على الكراسي وعلى الثروات وعلى السلطة والتسلط على رقاب البلاد والعباد!، ويسرقون أرزاق الناس ولا يعطونهم حقوقهم ويظلمون ويفرقون، بينما رحلتهم في الدنيا قصيرة وقصيرة جداً، ولا أحد يعلم بموعدها فهي قد تكون في أي لحظة وبأي وسيلة وسوف يبقى كل ما أخذوه مكانه، وأعتقد أن من يقوم بمثل هذه الأفعال لا يؤمن بأن هناك حساباً وعقاباً وجنة وناراً وأدلة لا تقبل بالطعن وأحكاماً ليس فيها استئناف إلا رحمة الله وعفوه وغفرانه. وما نشاهده اليوم من أفعال من بعض الناس تجعل الولدان شيباً، فأتمنى من كل قلبي أن يُهدينا الله إلى أحسن الأقوال والأفعال التي لا ندم عليها في يوم من الأيام. [email protected]