14 سبتمبر 2025
تسجيلتحدثت مرات عدة عما سميته يوم الكاتب، وهو اليوم الذي تقيمه عادة دور النشر للكتاب حين يمولون كتابتهم، وذلك بإتاحة التوقيع في معارض الكتب، وسط الزهور والحلوى والابتسامات والأصدقاء، وهو بلا شك يوم بهيج جدا، ويشجع على إعادة الكرة، ما دام الشخص يستطيع تمويل نصه، وينشر مهما كانت وعكاته. هذا الكلام الذي أكرره انطلاقا من غيرة على الكتابة كفن رفيع، وأمنيات عديدة أن يتحلى الكتاب الجدد بالصبر، ويلتحموا بتجارب من سبقوهم من الأجيال الأخرى، لعله فسر بأنه قمع للمواهب الجديدة، وتسلط عليها، برغم أن كثيرا من الشباب الجدد، أثبتوا وجودا كبيرا، وفاقت مبيعات أعمال بعضهم، مبيعات أعمال كتاب كبار، لا تذكر الكتابة إلا ذكروا، والآن هناك من يسألني دائما عن هذا الموضوع، ومن ينسبه إلى الدكتاتورية المبدعة بلا وجه حق. في الحقيقة، كل ما يرد في الحوارات أو المقالات الصحفية للكاتب، يعبر أولا عن رأيه الشخصي، وثانيا عن قراءات استقاها بخبرة سنوات طويلة، وأوقات كثيرة قضاها في المتابعة، سواء بما يسعى هو للوصول إليه من كتابات حديثة، أو ما يصله من نتاج الأدباء الجدد باستمرار. وأي حديث في هذا الشأن -لا بد- فيه استثناء لمبدعين حقيقيين ظهروا، وهذه حقيقة أن الأجيال كلها حتى حين كانت الكتابة عصية، والنشر صعبا جدا، وليس ثمة فضاء تتسكع فيه الخواطر، أو تسعى فيه الدعايات، ويمكن أن يتواجد فيه أصدقاء داعمون؛ كان فيها من يكتب بموهبة، وذكاء، ودراية كبيرة، وهناك من يكتب بلا أي موهبة، ولا دافع، وغصبا عن تطلعاته الأخرى التي غالبا ما تكون بعيدة عن الكتابة. ولو تأملنا الإبداع العربي منذ الخمسينيات من القرن الماضي وحتى الآن، لميزنا وسطه أسماء محدودة تمكنت من الإجادة، ومهدت لاكتشافات إبداعية جيدة، تبعها آخرون، ولعثرنا أيضا على أقلام لم تكن مبدعة أبدا، وكتبت مجرد كتابة، لا يمكن تمييزها، ولا يقتدى بها، لمن أراد الاقتداء بكتابة. إذن فالأمر موجود، ومتصل، ومهما علت أصوات غير المبدعين، فإن القراءة المتأنية لكل ما يطرح، يمكنها أن تكشف الجيد وغير الجيد.