12 سبتمبر 2025

تسجيل

مسرحيات هزيلة

21 نوفمبر 2021

في بعض المجالس النسائية وأخرى في بيئة العمل التي تفتقر للعمل !!! ألحظ اهتمام البعض بالحديث عن الأخبار السياسية المحلية والإقليمية والعالمية، حيث يبدأ كل المنغمسين في هذه المجالس باقتباس دور المحلل والخبير في الشؤون السياسية والاقتصادية التي ترتبط بسابقتها ارتباطاً وثيقاً، وبعين الرقيب أتابع في سكون تغلفه الدهشة تارة والابتسام تارة أخرى، ما يدور من نقاشات تصل أحياناً لحد الجدال فتثير حفيظة الآخرين فيجدون أنفسهم في دائرة صراع محموم لا يفقهون فيه شيئاً! حين تأخذهم الحماسة في الدفاع عن اتجاهات واعتقادات وجدت في عقولهم الغضة سبيلها للتغلغل والاستيطان دون تعقل وبصيرة. ومما يزيد الطين بلة رغبتهم الحادة في محاولة إقناعك بما احتضنته عقولهم وجادت به ألسنتهم، فما من سبيل حتى يهدأ صرير عواصفهم إلا الرضوخ لها، أو الانسحاب رافعاً الراية البيضاء، معلناً أمام دفاعاتهم المستميتة خيبات الهزيمة، فتهدأ نفوسهم، ويبتسم محياهم بعد أن كابدت ملامحهم وطأة الانفعال والتعصب، وكأن ذلك الاتجاه والاعتقاد السياسي قد نصبهم محامين عن فكرته ودوافعه أو نتائجه. وما علم هؤلاء أنهم يذودون عن مشاهد مفبركة من مسرحية بائسة، كُتِبت ببراعة، وتُعرض بمكر ودهاء، لتسكن أذهانهم، وتتملك نفوسهم، ليس لهم فيها من ناقة ولا بعير، سوى أكاذيب، وتلاعب بالوعي، صُنعت باحترافية جعلت منه واقعاً مفروضاً، في تيار المعلومات والصور المغلوطة والمضللة، فتُجمل غايات خبيثة، وأنظمة مختلسة وضيعة، ومخططات وأجندات مريبة، وقوانين ظاهرها نقي وباطنها ملوث آثم، وغيرها من أهداف إعلامية زائفة، لا ينفك الإعلام المتغطرس اللئيم من تكرارها لتثبيتها كحقائق وفخ يقع فيه من يشتري الوهم، فتولد نوعاً من التوتر الداخلي المستمر وخوفاً وقلقاً من المستقبل ينعكس سلباً على حياة الإنسان التي يفترض أن يعيشها في أمن وسلام واستقرار. إن إضاعة وقتك فيما حاكه غيرك لتحاول أن تجعله ملائماً لك، ومناسباً لمقاساتك، لمحاولة فاشلة؛ إن كنت لا تحوز المهارة ولا القدرة على تغييره أو إصلاحه، فلا تجهد نفسك في معركة خاسرة ! فما دام قاربك ضعيفاً لا تبحر به في بحر متقلب مزاجه، عتي موجه مضطربة أعماقه، يخشى الجميع من بطش صفعته، وقبل أن تدخل أي معركة اعرف خصمك جيداً وقيم أسلحتك، لكي لا تنهار عندما يبلغ مسمعك قرع الطبول. إنه لمن المضحك المبكي أن تستنزف طاقة تفكيرك وتستهلك مساحات من عقلك في معطيات خادعة لا يظهر منها سوى ما أراده غيرك أن تقرأه، وتعرفه، فكيف تبني معتقدات وأفكاراً قائمة على باطل، ووهم مزوَّر ! حين يضل بك الطريق عن الحقيقة فالزم ما تعرف أنه يقين واتبعه، فحياتك التي اخترتها هي واقعك الصادق الذي يتحتم عليك الاهتمام به، فكل ما تحاول فهمه ما هو إلا مشتتات وإلهاءات عن اهتمامك بتطوير حياتك وبناء ذاتك، ومحاولات لإبعادك عن المعارف الضرورية والجوهرية في ميادين العلم مثل: الاقتصاد، العلوم، علم النفس والأعصاب، وعلوم الحاسب ونحوها من العلوم الحيوية والمهمة في ارتقاء الإنسان، والذي تتفوق من خلاله على كل محاولاتهم في النيل من عقلك وتفكيرك، الذي يعد أهم رأس مال تملكه. فالعقل المستنير والمتسلح بالعلم والفطنة هو ما يربك ويهدد أولئك الذين يحاولون تمرير أهداف حاقدة وتنفيذ خطط هادمة، وهم في ذلك يستهدفون رأس مالك، إذ إن من أهدافهم الأساسية إبقاءك مشتتاً بين القال والقيل، مرهقاً يائساً من خيوط الحيرة والشك، التي ينسجونها كل يوم بطريقة أو بأخرى في تصورك وعقلك. إن فهمك لقصة المسرحية وشخوصها يجعلك تدير ظهرك ساخراً، ولا تألُ جهدك ولا تدخر سعيك إلا في بناء نفسك، فضرر تلك المسرحيات يمتد ليطال حياتك إن لم تضع له حداً، توقف عن تقليب المحطات التي تبث تلك المسرحيات الهزيلة، وانتقِ ما ترى وتسمع بعناية، وابدأ بإدارة رأس مالك بالحقائق الثابتة والملموسة، وبالطرق التي ترتئيها لنفسك دون أن تسمح ليد التضليل والتشويه أن تخترق خزائن عقلك. [email protected]