27 أكتوبر 2025
تسجيلوقف قسم السيد أمام رئيسه، بنفس الوقفة التقليدية غير المبدعة، التي يقفها كل مرؤوس أمام رئيس. الرأس منكس باتجاه الأرض، اليدين خلف الظهر في استكانة، وإحداهما تتحرك من حين لآخر، لتحك رأسا لم يكن من الضروري حكه. شاهد يدي رئيسه ثابتتين، وتكتبان بالقلم بلا أي رعشة، وتنهد في ارتياح: إذن لم يتصلب ولم يفقد الذاكرة، ويتركه لضميره حتى يعذبه. - لم أتلق شكاوى في حقك في الفترة الأخيرة، من المحتمل أن أغير رأيي عنك لو استمر الوضع هكذا. إنها واحدة من جمل رئيس الحراس المفضلة، وغالبا ما تكون افتتاحيته، أو بداية انطلاقه لأي حوار يجريه مع واحد من حراس البوابة الذين تحت إمرته، وكانوا أربعة، يتطورون أحيانا إلى خمسة، أو يتدهورون إلى إثنين فقط. لقد قيلت هذه الجملة في حق قسم السيد وحده أكثر من سبعمائة مرة، وطوال إثني عشر عاما قضاها حارسا لبوابة فندق سواري، وأصبحت في النهاية مجرد جملة بلا ظلال، يمكن تجاهلها تماما، أو إن شاء أحد أن يعتبرها بصقة لم تسقط على ثيابه. - شكرا سيدي قالها قسم السيد، وكانت هذه أيضا ردة فعل الحراس التي من المفترض أن تلي الجملة المستهلكة، هذه أيضا بلا طعم، ويمكن اعتبارها بلعا للريق، لأن اعتبارها بصقة غير جائز، وهي ترد للمسؤول. كان قسم السيد بحاجة إلى إجازة، لن يستطيع تغطية غيابه مرة أخرى، ويوجد زميل لم ينم منذ ليلتين. والحارسان الآخران سيعودان قريبا من إجازتهما السنوية، ويوجد واحد يعمل بأجر يومي، يتم استدعاءه في حالة وجود فراغ، أو زحام يستوجب وجود أكثر من حارس. - أريد أن أطلب إجازة يا سيدي. لم تتغير ملامح الرئيس، لم تجف أكثر، حتى بعد أن رفع وجهه كله، وواجهه به: - عدت من إجازتك السنوية منذ شهر، ولا تستحق إجازة في الوقت الحاضر. - أعرف يا سيدي ولكنها ظروف طارئة. - مثل ماذا؟ بالطبع لن يخبره أنها مسألة تعاطف قوي اسمها مهمة إغاثة امرأة ضائعة، ويعرف برغم الجملة الاستهلاكية التي سمعها من رئيسه للتو، أنه حارس تم تصنيفه حارسا بلا جدوى منذ وقت طويل، وبخ عشرات المرات، وتم لومه بسخاء لم يلم به حتى فريق كرة القدم القومي، وهو يخسر مباراة تلو أخرى.