14 سبتمبر 2025

تسجيل

يا إدارات أنديتِـنا: تواصلوا معَ الجماهير

21 سبتمبر 2015

منَ اللافت للنظرِ أنَّ جماهيرَ الأنديةِ الرياضيةِ مُتَـقَـدِّمَـةٌ كثيراً على إداراتِها في التَّعامُلِ مع وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ، كما بدا قُبَـيْلَ مباراةِ الريانِ والسيلية، يومَ الجمعةِ الـماضي، حين قامَ شابٌّ منَ الجمهورِ الريانيِّ باستخدامِ الـمُحادَثَةِ اللَّحْظيةِ الـمُصَوَّرةِ، (Snap Chat)، في دعوةِ الجمهورِ لحضورِ الـمباراةِ، وكانَ التفاعُلُ كبيراً مع الـمقاطعِ التي نشرَها، وظهرَ أثرُهُ في الحضورِ الضخمِ للأمةِ الريانيةِ الذي أعادَ الروحَ جزئياً لـملاعبِـنا، وهذا النجاحُ يدفعُنا لقراءةِ الأمر منْ زوايا عِـدَّةٍ كالتالي:(1) توجدُ مواقعُ عِـدَّةٌ لأنديتِـنا في الفيسبوك والتويتر، لكنها بلا تأثيرٍ حقيقيٍّ لأنَّها صُـوَرِيَّـة الهدفُ منها هو مجردُ التواجدِ الشكليِّ. ولو تابعناها بِـدِقَّـةٍ، فَسَنُصْـدَمُ بالسَّطحيةِ والتَّهافتِ والرَّكاكةِ فيها، فلا مادةَ رياضيةً تجعلُ الـمختصينَ والإعلاميينَ والكُتَّابَ يُولونَها اهتماماً، ولا عناية بالتساؤلاتِ والآراء والأفكارِ التي يطرحُها الجمهورُ، ولا مبالاة بالنَّاشئةِ والشبابِ وقضاياهم. إنَّها، باختصارٍ شديدٍ، واجهاتٌ تُبَـيِّـنُ الجمودَ الإداريَّ، وتُظْـهِـرُ مدى افتقارِ الإداراتِ لعناصر مختَّـصَّـةٍ في الإعلامِ والتعامُلِ معَ الجماهيرِ، وتُثْـبِـتُ أنَّ الاحترافَ الإداريَّ الذي يُطالبُ به كثيرون لا يعني تغييرَ الوجوهِ وإنما هو ضَخُّ دماءٍ شابةٍ مُؤهَّلَـةٍ في الجسمِ الإداريِّ للأنديةِ. بمعنى آخرَ، نحنُ نواجِـهُ حالةً من القصورِ الإداريِّ الشاملِ.(2) عندما نَـطَّلِـعُ على الـمواقع الإلكترونية لبعضِ الأنديةِ العالـميةِ والعربيةِ، نجدُها حيَّـةً حقاً، ففيها عنايةٌ بالجوانبِ الإنسانيةِ والاجتماعيةِ والثقافيةِ بدرجاتٍ متفاوتةٍ تجعلُها، أحياناً مصدراً للأخبارِ. ونلاحظُ فيها حيويةً في التَّعاطي مع قضايا الناشئةِ والشبابِ وطَـرْحها مُبَـسَّطَـةً من جوانبَ نفسيَّـةٍ وتربويَّـةٍ لا تستندُ إلى السُّخريَّـةِ، بل تعتمدُ التشويقَ والجَـذْبَ البَصَرِيَّ بالعباراتِ السلسلةِ والصُّـوَرِ الـمُعَبِّرَةِ ومقاطعِ الفيديو التي يخدمُ مضمونها الأفكار الـمطروحة، مما يجعلُ هذه الـمواقعَ منتديات عامَّـةً يُتابعُها مئاتُ ألوفِ البشرِ الذين يصبحون بمرورِ الزمنِ جزءاً من القاعدةِ الجماهيريةِ للأنديةِ، وهو ما يدفعُ بالشركاتِ والـمؤسساتِ، بل والجهاتِ الحكوميةِ، إلى الإعلان فيها ممَّا يُضيفُ مصدراً جديداً لتمويلِ جميعِ الأنشطةِ.(3) لِـنَـعُـدْ إلى أنديتِـنا، فندعو إداراتِها إلى العنايةِ بوسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ، بحيثُ تكونُ مواقعُها الإلكترونية منتديات تجتمعُ فيها جماهيرُها، ونوافذ تطـلُّ منها على الإعلامِ والـمجتمعِ. وحَبَّـذا لو خُصِّصَ يومٌ في الأسبوعِ لـمناقشةِ قضيةٍ بعينِها في الـمواقعِ الإلكترونيةِ، يقومُ فيها الـمسؤولون بالنادي بطَـرْحِ خططِهِم ومناقشتِها مع الجمهورِ، ويُشْـرَكُ فيها إعلاميُّونَ ومختصونَ في التخطيطِ والإدارةِ، ويُسْتَضافُ في بعضِها تربويونَ ومختصون في عِـلْـمَي النفسِ والاجتماعِ، وعلماء في الفقهِ، بحيثُ يؤدي ذلك إلى اجتذابِ الجمهورِ الذي يرغبُ في سماعِ صوتِـهِ، ويُسعدُهُ خروجُ النادي ليقومَ بدورِهِ في تنميةِ الـمجتمعِ وتَحَضُّرِهِ وتَـمَـدُّنِـهِ من خلالِ الرياضةِ.(4) الإداراتُ مُطالَـبَـةٌ بإحياءِ حضورِ الأنديةِ في نفوسِ وعقولِ جماهيرِها منْ خلالِ نزولِها منْ أبراجِها العاجيةِ، وتَخَلِّـيها عنْ كونِها أشباحاً لا نراها إلا حين يقومُ الـمسؤولون فيها بتبريرِ التراجعِ، أو البحثِ عن أسبابٍ غيرِ منطقيةٍ للإخفاقات مما يُفْـقِـدُهُم الصِّـدْقِـيَّـةَ ويُسْـهِمُ في تَآكُلِ القواعدِ الجماهيريةِ لأنديتِـهِم. ولَعَلَّ استثمارَ وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ بصورةٍ علميةٍ مُحكمةٍ يكونُ منطلقاً جديداً تعودُ فيه الأنديةُ إلى مكانتِها الشعبيةِ الـمُعتادَةِ.كلمةٌ أخيرةٌ:عدمُ اتِّخاذِ قرارٍ لتغييرِ الـمسارِ هو أسوأ بما لا يُقاسُ من اتِّخاذِهِ وبَـذْلِ الجهودِ الهائلةِ لتنفيذِهِ، فهلْ من مستمعٍ في إداراتِ أنديتِـنا.