17 سبتمبر 2025

تسجيل

حالة الاقتصاد البحريني

21 أغسطس 2011

يتبين اليوم تلو الآخر حجم الكلفة الاقتصادية للأزمة السياسية التي بدأت في البحرين منذ منتصف فبراير 2011 وهي كلفة مرتفعة في كل حال من الأحوال. حديثا فقط، أفصح د.عصام فخر، رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين، بأن الاقتصاد البحريني ربما خسر نحو ملياري دولار. حقيقة القول، يعد هذا الرقم كبيرا كونه يساوي حوالي 9.5 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي للبحرين والذي يبلغ 21 مليار دولار.وحديثا أيضا، كشف مجلس التنمية والاقتصادية وربما تطبيقا لمبدأ الشفافية عن تعديل النمو المتوقع للعام 2011 من 5.2 في المائة إلى 1.6 في المائة فقط. تعتبر هذه النسبة متدنية مقارنة مع متوسط النمو لدول مجلس التعاون الخليجي وقدره 7.8 في المائة للعام 2011، كما جاء في تقرير حديث لصندوق النقد الدولي.في المقابل، يتوقع أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي القطري نموا قدره 20 في المائة.تأثر بعض القطاعات وقد تأثرت بعض القطاعات الاقتصادية أكثر من غيرها خصوصا التجزئة والضيافة والفعاليات. ففيما يخص البيع بالتجزئة، يمكن تفهم تحاشي البعض اقتناء السلع المعمرة والمكلفة نسبيا بسبب الغموض الذي يلف إمكانية التوصل لحلول سياسية وسلمية للمعضلات التي تواجه البلاد في المستقبل القريب، وربما تسبب قيام السلطات بفصل 3 آلاف فرد من وظائفهم لأسباب سياسية في الحد من صرف مئات الأسر البحرينية.يشار إلى أن كل مواطن عامل يوفر لقمة العيش لخمسة أفراد في المجموع ما يعني بأن 15 ألف شخص قد تضرروا من جراء التصرف. كما تأثر قطاع الضيافة بالنظر لانخفاض عدد الزوار من السعودية عبر جسر الملك فهد بسبب الاضطرابات في البحرين في ظل وجود بدائل في المنطقة خصوصا دبي. كما تأثر قطاع الفعاليات نظرا لانتقال بعض الفعاليات لدول أخرى وتأجيل البعض الآخر. على سبيل المثال، قرر الاتحاد الدولي للسيارات إلغاء استضافة البحرين لسباق الفورمولا واحد لموسم 2011. ونزولا عند رغبة البحرين، وافق الاتحاد الدولي للسيارات تأجيل إقامة الفعالية في البحرين لموسم 2012 من مارس إلى نوفمبر. عادة، تساهم الفعالية في تحقيق مكاسب اقتصادية بالنسبة للعديد من القطاعات مثل الطيران، والمواصلات والضيافة وأماكن بيع الهدايا. من جهة أخرى، قررت مؤسسة (ميد) المتخصصة في شؤون منطقة الشرق الأوسط بنقل مؤتمر مالي كان مزمعا عقده في البحرين في وقت سابق إلى دبي. يتميز هذا المؤتمر بجمع الأطراف ذات العلاقة في صناعة التمويل الأمر الذي يفوت على البحرين فرصة تعزيز مكانتها كمركز مالي في المنطقة. في المقابل، من شأن نقل المؤتمر إلى دبي خدمة سمعة جهة منافسة للبحرين في صناعة الخدمات المالية.ارتفاع العجز الماليوربما بهدف تشجيع الناس على الصرف، قررت الحكومة حديثا زيادة رواتب العاملين في القطاع العام والمندرجين في برنامج التقاعد بكلفة قدرها 860 مليون دولار ما يعني رفع قيمة نفقات الدولة إلى 9.1 مليار دولار في السنة المالية 2011. من جملة سلبيات هذا التوجه رفع مستوى العجز المتوقع إلى 3.1 مليار دولار مشكلا أكثر من 14 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي. يتناقض هذا المستوى من العجز مع أحد شروط مشروع الاتحاد النقدي الخليجي والذي يلزم بتقييد عجز الميزانية عند 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. كما أن هناك سلبية أخرى وهي تعزيز دور الحكومة في الاقتصاد المحلي حيث تشكل النفقات المقدرة والمعدلة نحو 43 في المائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي الأمر الذي يتناقض مع الزعم بالتنوع الاقتصادي في البحرين ومحدودية دور القطاع العام. وربما تتمكن البحرين من سد جانب من العجز عبر تعزيز إيرادات الخزانة العامة ولكن بشكل محدود نسبيا مقارنة مع دول خليجية أخرى. فقد أقرت البحرين ميزانية 2011 عبر افتراض متوسط سعر قدره 80 دولارا للبرميل أي أقل من الأسعار السائدة في الأسواق الدولية، يتوقع على نطاق واسع أن يبلغ متوسط سعر النفط فوق حاجز 100 دولار للبرميل في العام 2011، يعد الرقم 80 دولارا للبرميل الأعلى بين دول مجلس التعاون الخليجي، حيث أقرت قطر متوسط سعر قدره 80 دولارا للبرميل لميزانية السنة المالية 2011 و2012 والتي دخلت حيز التنفيذ بداية أبريل. المعونة الخليجيةأما المصدر الآخر لتسديد العجز المالية المتوقع عبارة عن المعونة الاقتصادية المقررة من دول مجلس التعاون بواقع 10 مليارات دولار على مدى عشر سنوات بقيمة مليار دولار لكل سنة. لكن لا توجد آلية واضحة حتى الآن لكيفية تجميع وتحويل هذا المبلغ الكبير نسبيا خصوصا مقارنة مع ميزانية والناتج المحلي الإجمالي للبحرين، كما بمقدور هذا المبلغ تعويض الحكومة جانب من خسائرها المالية لكن بكل تأكيد ليس القطاع الخاص، فلا يمكن تصور كيفية تعويض مؤسسات القطاع الخاص التي تضررت من الأزمة وخسرت جانب من قاعدة زبائنها لأسباب طائفية في ظل التجاذب الطائفي بين المتشددين. وهناك خسارة أخرى تتمثل بتوجه مؤسسات الملاءة المالية لتخفيض الدرجة الممنوحة للبحرين بسبب التخوف من تفاقم الأوضاع. ففي خضم تفاقم الأزمة، قررت مؤسسة (ستاندارد أند بورز) تخفيض المستوى الائتماني للبحرين للأجلين الطويل والقصير درجة واحدة إلى (أي ناقص وأي ناقص 2) على التوالي فضلا عن وضع البحرين تحت المراقبة، لكن وفي خطوة لافتة، قررت المؤسسة رفع البحرين من حالة المراقبة كرد فعل على تحسن الظروف الأمنية في البلاد. لكننا نتوقع أن تتجاوز البحرين أزمتها السياسية، وربما تأخر الحل بعض الوقت لكنه قادم لا محالة بالنظر للمستوى الثقافي المتقدم للشعب البحريني. ومن شأن حل الأزمة السياسة تحسين الآفاق الاقتصادية للبحرين، صاحبة أصغر اقتصاد بين دول مجلس التعاون الخليجي.