10 سبتمبر 2025

تسجيل

العالم ينتظر الإسلام ليقيم العدل !

21 يوليو 2024

تأمل معي ما يحدث اليوم في العالم من مذابح وفقر ومجاعات ؛ فستكتشف أن كل الشعوب تواجه حالة ظلم عام، وأن كل الأيديولوجيات التي تطورت خلال القرنين السابقين أسهمت في وصول العالم لهذه الحالة. أما مشروع التنوير الأوروبي الذي يقوم على العلمانية والليبرالية والفردية والمادية فقد تم استخدامه لإخضاع الشعوب للاستعمار الغربي، وعملية النهب المنظم لثرواتها، وبناء التقدم الغربي علي حساب الشعوب التي تم غرس الوهم بأنها متخلفة ولا يمكن أن تحقق التقدم، وعليها أن تبيع ثرواتها للشركات الرأسمالية الغربية بأبخس الأسعار لتقوم بتصنيعها. عندما اشتعلت ثورات التحرير في القارة الافريقية في ستينيات القرن الماضي، اتجه الثوار إلي الاشتراكية باعتبارها البديل الذي يمكن أن يسهم في تحقيق استقلالها، لكن بعد عقود فشلت خطط التنمية، وتزايد الفقر، والمجاعات والحروب الأهلية. والآن لم يعد أمام هذه الشعوب سوى البحث عن طريق جديد لبناء مستقبلها، فهذا الظلم سوف يدفع للانفجار، وسوف يتطاير الشرر في كل الاتجاهات ليصيب كل الأنظمة التي ستستخدم كل قوتها الغاشمة في مواجهة الجماهير الغاضبة ؛ مما سيؤدي إلي الكثير من المذابح والهجرة. يمكن أن نلاحظ بوضوح أن هناك حالة اعجاب عام في كل الشعوب المقهورة خاصة في افريقيا بالمقاومة الفلسطينية، وصمودها البطولي أمام قوة جيش الاحتلال الاسرائيلي الغاشمة، وهذا يعني أن الشعوب يمكن أن تنتزع حريتها عندما تمتلك الحلم والإرادة والعزيمة والاخلاص والايمان. والاسلام هو مصدر قوة المقاومة، وهو الذي يعبر عن أشواق الشعوب للحرية والتحرير، لذلك فإنه يمكن أن يقود كفاح الشعوب خلال هذا العقد. لكن لكي يتحقق ذلك يجب أن نعرف كيف نقدم الاسلام لهذه الشعوب، فالعدل هو أهم ما تحتاج إليه فالظلم كسر القلوب، وحطم قدرات الناس علي التفكير والابتكار، وهو المسؤول عن حالة الجمود والتخلف التي تعاني منها الكثير من الدول. ومن أهم وظائف الأمة الإسلامية إقامة العدل الذي يرتبط بتكريم الله للإنسان، فهذا التكريم يرتبط بحماية حرمة جسد الانسان ونفسه ودينه وماله وعرضه وعقله، ومنع أي اعتداء علي هذه الحقوق، وعندما يشعر الانسان بالآمان ؛ فإنه يطلق لخياله العنان فيفكر ويبدع ويبتكر. وعدل الاسلام هو الذي يعطي لحياة الانسان معنى، فيجعله يتمسك بالحياة، ويكون لديه أمل في الإصلاح مهما كانت قسوة الظروف، ويمكن أن يشارك مع الآخرين في العمل لتحقيق أهداف عظيمة، وهذا يشكل أساسا لإقامة المجتمعات، ويحمي تماسك المجتمعات وتوحدها ؛ فالمجتمعات لا تقوم إلا العدل ؛ أما الظلم فإنه يدمرها ويخرب عمرانها. لو تأملنا حال الكثير من المجتمعات سنجد أن الانقسام والكراهية والعنصرية أهم السمات التي تشكل حياتها، وأنها مصدر الكثير من المظالم التي تعاني منها هذه المجتمعات، ولا يمكن معالجة ذلك إلا بالإسلام الذي يمكن أن يواجه كل تلك المشاعر العنصرية. إن القراءة المتعمقة للواقع توضح أنه لم يعد أمام البشرية سوى الإسلام الذي يمكن أن يعيد لها الأمل والعدل والتوازن ومعنى الحياة، والشعوب الفقيرة التي عانت طويلا من الاستعمار لم يعد أمامها سوى الاسلام تستمد منه قيم الحق والعدل والكرامة الانسانية. والسنوات القادمة ستحمل للبشرية الكثير من المفاجآت، فهناك الكثير من الحروب سوف تشتعل، والكثير من الدماء سوف تسيل في كل أنحاء العالم. والمسلمون هم أكثر من يتعرضون للظلم والقهر في عالمنا، ولن يجدوا سوى الاسلام يحتمون به، والاسلام سوف ينقذهم عندما يكتشفون وظيفة الأمة الاسلامية في اقامة العدل. العدل قيمة عليا وأساس بناء الحضارة الاسلامية، التي عاش الناس في ظلها قرونا طويلة يتمتعون بحقوقهم دون قهر أو اجبار أو اكراه، وعندما غابت شمس هذه الحضارة انتشر الظلم والفساد. لكن هل تشرق شمس الحضارة الاسلامية من جديد ؟! الإجابة يجب أن تقدمها الأمة الإسلامية بكفاحها، واجتهاد علمائها، وحركة شعوبها للتحرر ؛ لكن هناك الكثير من المؤشرات أهمها أن حاجة البشرية تشتد لها لتقيم العدل بعد أن انتشر الظلم والزيف والقهر. كما أن المقاومة الفلسطينية تقدم الدليل على أن الشعوب يمكن أن تتحدى القوة الغاشمة، وتكافح لانتزاع حريتها وتحرير أرضها، ومهما كان الثمن الذي ستدفعه الشعوب ؛فإن الحرية جميلة، ولا حياة بدونها، والإسلام هو الذي يحقق العدل.