11 سبتمبر 2025

تسجيل

الإعلام واللعب بالعقول: هل هي ديمقراطية أم تزييف؟

21 يوليو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); مبهر جداُ ما عاشته بريطانيا ليلة الجمعة الماضية 24 يونيو 2016 من قضية الاستفتاء، وذلك حينما قال الشعب "المسكين" كلمته الأخيرة في قضية الانفصال عن الاتحاد الأوروبي بنسبة 52.1%. بغض النظر عن سلبيات وإيجابيات هذا الاستفتاء والتي ليس من السهل إدراكها الآن للعديد من المعطيات، من المهم أن ندرك أن منظومة الإعلام الداخلي البريطاني لعبت دورًا كبيرًا في هذه المسألة. ولا أعتقد أن هذا له علاقة بالديمقراطية نفسها، رغم أن العملية كانت شعبية محضة عبر حملات الترويج المعروفة. فالإعلام البريطاني كان يتبع بعض الآراء السياسية "المتطرفة"، والتي ترغب فقط في الانفصال لأهداف شخصية كما قالت أنا سوبري عضوة البرلمان البريطاني في مقابلتها مع قناة 4 البريطانية بأن الخروج من الاتحاد الأوروبي كان لأهداف شخصية تخدم عمدة لندن السابق وعضو حزب المحافظين بوجه خاص بوريس جونسون وليس مصلحة الشعب البريطاني. من المعروف أن من الوظائف الرئيسة لوسائل الإعلام هي تكوين الآراء والاتجاهات لدى الأفراد والجماعات والشعوب، بما فيها الوظائف الأخرى كالأخبار والترفيه. وكما هو معروف أيضا أن هنالك علاقة قوية بين الإعلام والساسة من القدم. هنا تم توظيف الإعلام البريطاني بجدارة في الدعاية المروغة بأن الخروج من الاتحاد الأوروبي سوف يحقق العديد من المزايا والفوائد للمملكة البريطانية وأنه سوف يحفظ السيادة السياسية والاقتصادية للدولة بما فيها خفض النفقات الكبيرة التي كانت تدفع لدعم الاتحاد. من أهم الشعارات التي بناء على أساسها اتخذ الشعب البريطاني قراره - بالإضافة إلى قضية الهجرة، والعمالة، والمسلمين، والخدمات العامة – هو أنه سيتم ضخ ملبغ وقدره 350 مليون باوند إسبوعيًا – كان يدفع إلى الاتحاد – على خدمات الصحة الوطنية NHS، ولكن في اليوم التالي للتصويت يخرج عليهم نايجل فاراج (قادة حزب الاستقلال البريطاني، ومن الذين يطمحون في الانفصال) ليقول إن هذه المعلومات كانت بالخطأ.طبعًا من حق الشعوب أن تقرر مصيرها وهذا يحفظ الحق للشعب البريطاني أيضًا، ولكن غير المقبول هو أن تقوم مؤسسات الإعلام بالتضليل والتعتيم على الحقائق وربما التزييف فيها من أجل الوصول إلى غاية معينة تخدم فئة خاصة من الناس، فهذا يعد غير مقبول. طلية فترة الحملة كان الشعب غير واع أو مدرك لمخاطر الانفصال. المعروف عن الشعب البريطاني أنه يقول ما يقوله الساسة من المروجين لحملات معينة مثلا حملة الاستفتاء هذه. لقد أصيب العديد بالذهول من هذه النتيجة – رئيس الوزراء البريطاني كاميرون – والتي سيتم على إثرها تغيير قرارات وسياسات دامت لمدة 43 سنة. رغم قوة الاقتصاد البريطاني، فالمستقبل على المستوى القريب وحتى البعيد غير معروف ومضمون في ظل التغيرات في المنطقة والعالم ككل.من هنا تفرض أخلاقيات الإعلام القيام بواجبات ووظائف منها الصدق والأمانة والعدالة والموضوعية والتوازن والدقة وعدم إساءة استخدام السلطة الإعلامية لأغراض شخصية أو حزبية معينة. والإعلام سلاح ذو حدين يعيش في مجتمع تتضارب فيه المصالح وتكثر فيه الصراعات. فالمهنة تلتزم الموضوعية والتوازن في تداول المعلومات بين أفراد المجتمع الواحد لمصلحة الجميع.