12 سبتمبر 2025

تسجيل

الاتصال السياسي والإعلام في العالم العربي..نظرة تأملية

12 أكتوبر 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الاتصال السياسي منذ بدايته - في العشرينيات من القرن الماضي والذي كان يستخدم في الحملات الانتخابية والترويج لها عبر الوسائل المتاحة آنذاك - إلى الآن لم يختلف كثيرًا، فالعملية السياسية الانتخابية في وقتنا الحاضر آخذة في التطور، حيث ظهر مصطلح ما يعرف بالاتصال السياسي الحديث. في بداية القرن العشرين كان الاتصال السياسي بين السياسيين والرعية بسيطًا جدًا ولا يختلف عما هو عليه الآن، خطابات سياسية، مهارات اتصالية، ولوحات إعلانية. ما زالت هذه المهارات مطلوبة في وقتنا الحاضر والتي يطلق عليها المهارات التقليدية في الاتصال السياسي، غير أن الطبيعة الجديدة في الاتصال حتمت على السياسيين استخدام تقنيات ومهارات أكثر حداثة والتي منها استخدام وسائل الإعلام الجماهيرية ومواقع التواصل الاجتماعي والتي تحظى بالسرعة والفاعلية والتأثير السريع على المتلقي. مثلا عند ظهور الرئيس الأمريكي جون كندي على شاشة التلفزيون في عام 1960 كان كافيًا لترشحه للرئاسة. الآن يتحتم على السياسيين الاستعانة بمواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك، ونشر وتحديث تغريداتهم كل عشر دقائق. كما يتحتم عليهم الظهور في البرامج الاستعراضية الحوارية أو ما يعرف بـTV talk shows والذين يستطيعون من خلالها تذكير جمهورهم الانتخابي بأنهم بارعون في السياسة، واضحو الهدف، نبهاء في الرد، ومريحون أكثر من خصومهم.لا شك أن الإخفاق في إبراز هذه الخصائص الاتصالية يؤثر سلبًا على العملية السياسية الانتخابية، حيث إن معظم السياسيين يعرفون هذه الخصائص عن ظهر قلب وأن هذه العملية هي جزء مما يعرف بالحرفية في الاتصال السياسي professionalisation of political communication، والتي من شأنها أن تساعد في تحقيق أهدافهم الانتخابية. من ضمن هذه الخصائص أيضا أن يتحلى السياسي بالمقدرة على التواصل من خلال استخدام الخطاب المحلي.في عالمنا العربي، بدأ الاتصال السياسي يتشكل مع ظهور وسائل الإعلام الجماهيرية (الصحافة، الراديو، والتلفزيون) في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، حيث وظف من قبل الزعماء والرؤساء من أمثال جمال عبدالناصر في خطاباته المؤثرة في تحريك الجماهير العربية آنذاك. القضية أن الاتصال السياسي دائمًا مربوط بالوسائل الإعلامية المتاحة في كل فترة. ففي العالم العربي ارتبط الاتصال السياسي بالنظم السلطوية وبالمؤسسات الإعلامية أو أن المؤسسات الإعلامية كانت تعيش تحث سلطوية النظم الحاكمة. والذي سد الأفق السياسي، وتعثر المسار الديمقراطي، وازدياد الشعور بالإحباط في العديد من المجتمعات العربية. غير أنه في الآونة الأخيرة تغيرت بعض نماذج الاتصال بين الساسة والمنظومات الشعبية، بعدما خرجت بعض هذه المنظمات الشعبية عن الصمت ورفضت حتى الاندماج في الحراك السياسي للدولة وزادت من مطالبها عبر الإعلام الجديد والفضاء الإلكتروني.الملاحظ هنا هو التراجع النسبي لدور الحكومات العربية في السيطرة على الاتصال السياسي، بينما بقيت السيطرة الواضحة على الإعلام التقليدي، بما فيها مرحلة القنوات الفضائية في منتصف التسعينيات، والتي كانت تخضع إلى السياسات السلطوية بطريقة غير مباشرة. من جهة أخرى، لعب الإعلام الاجتماعي الالكتروني دورًا مساعدًا في التعبئة والحشد والتواصل بين الأطراف المختلفة في توصيل الأخبار والمعلومات، وشكل نقطة تحول كبيرة في بنية الخطاب الإعلامي السياسي العربي وتطوره. ولا يمكن تجاهل دوره في تغيير مفاهيم الناس والساسة.مع كل التغيرات في المنطقة العربية الآن سياسيًا، يظل الاتصال السياسي يعيش حالة من التعثر والتمزق نظرا إلى الضوابط، والقيود السياسية، والخطوط الحمراء، والدوافع الذاتية التي تسيطر عليه. فالإعلام العربي - رغم تطوره الكبير - يظل متغيرا تابعا للأنظمة السياسية الحاكمة، والتي تحدد حريته وأساليبه وخصائصه. غير أن التغير الكبير المصاحب لأحداث 2011، بما فيها ثورة التقنية الاتصالية، وانتشار البث الفضائي الخاص، وشبكات التواصل الاجتماعي، والهواتف الذكية، وتنامي ظاهرة صحافة المواطن، جعلت الاتصال السياسي أكثر انفتاحية واندماجًا مع الشعوب، رغم كل ذلك أخفق الاتصال السياسي العربي في تحقيق أهدافه التواصلية مع مجتمعاته وكان فشله واضحا على الأقل في الوقت الحاضر. ومن الصعب الآن تحديد اتجاه الاتصال السياسي العربي ووسائله بعد تسارع الأحداث في المنطقة العربية.