12 سبتمبر 2025
تسجيليقول على شريعتي "الذي لا يدري جوهر الحج يعود من مكة بحقيبة ملأى بالهدايا وعقل فارغ"، ها هي رياح ذي الحجة هبت وبدأت وفود الرحمن بالوصول إلى هذه الديار المباركة لأداء مناسك الحج، ويستعد حجاج بيت الله الحرام لتأدية أحد أركان الإسلام والجميع وبلسان واحد ملبين النداء "لبيك اللهم لبيك"، يعتبر الحج من أفضل الطاعات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه. بالفعل إن أقدس رحلة تقوم بها على الإطلاق هي ركن الحج، فأداء المناسك والجميع يشترك في نفس الوقت في أدائها، لها معان وخصوصية وتتعمق العبودية لله عز وجل. فالحجاج هم ضيوف الرحمن وأكرم الخلق على الله والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. إن ضيوف الرحمن قد بذلوا كل غال ونفيس قاصدين بيت الله، وقد تكبدوا التعب والمشاق العظيمة وواجهوا الكثير لجمع المال والاستعداد للسفر مقابل الأجور العظيمة والثواب وغفران الذنوب، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه".أمر الله نبيه إبراهيم عليه السلام بالأذان للحج إلى بيته الحرام وأداء مناسكه "وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق". وفي مناسك الحج الكثير من الدروس التربوية منها: إنها من أعظم العبادات التي يلتقي فيها الجميع، سواسية في اللبس والعبادة وعلى صعيد واحد فلا فرق بين غني وفقير، ولا أبيض على أسود، إلا بالعمل الصالح. وتربية النفس في الحج على اتباع أوامر الله عز وجل بداية من لباس الإحرام الذي فيه تجرد من الدنيا، والتلبية لله عز وجل من ميقات معلوم، ومرورا بعدم التطيب أو التزين إلى الالتزام بوقت العبادات التي تؤدى في نفس الوقت. إن هذه المناسك تربية أخلاقية تعلمنا التواضع والصبر على الطاعة وترك الجدال تماما ورد المظالم لأهلها، يقول مراد هوفمان "إن الصبر هو أولى فضائل الحج". إنها خير أيام الله وفيها خير أيام الدعاء وهو يوم عرفة وهو سيد الأيام وأفضل الذكر لا إله إلا الله. إن في شعائر الحج كل معاني الاستسلام والعبودية لله عز وجل، بالإضافة إلى ذلك أن أجر هذا الركن عظيم. إن هذه العبادة تزخر بالكثير من الدروس والمعاني والعبر، منها الإخلاص في الأعمال والنيات والحرص على تأديتها على أكمل وجه. إنَّ اللهَ يُباهي بأهلِ عرفاتٍ أهلَ السَّماءِ، فيقولُ لهم: انظروا إلى عبادي جاءوني شُعثًا غُبرًا. ويتجلى في هذا الحديث مباهاة الله عز وجل بحجاج بيته الحرام عند ملائكته، وعظم مكانتهم عند الله لذلك لابد على الحاج أن يتجرد من كل المعاني الدنيوية وإخلاص النية والاجتهاد في الأقوال والأفعال وابتغاء رضا وقبول الله عز وجل. ذلك الأجر ليس مقصورا لحجاج بيت الله الحرام، إنما من لم يحج عليه اغتنام هذه الأوقات الثمينة التي لا تتكرر إلا مرة كل عام، واستغلال كل لحظة ليلا أو نهارا بالطاعات والقربات وكل ما يحبه الله عز وجل "ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام". تربية النفوس المؤمنة يقول مالكوم إكس "قد أوسع الحج نطاق تفكيري وفتح بصيرتي فرأيت في أسبوعين ما لم أره في تسع وثلاثين سنة". هنيئا للحجاج، ضيوف الرحمن، وهنيئا لكل من أحسن في هذه العشر، اللهم أدخل علينا العشر وأهلنا سالمون، وبلغنا عرفة والعيد في أحسن عافية يا حي يا قيوم وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال. كل هذا وبيني وبينكم..