19 سبتمبر 2025

تسجيل

حكومة لكل العراقيين

21 يونيو 2014

التأزم المفرط للأزمة بالعراق التي تهدد هذا البلد العربي الكبير بالتفكك والحرب الأهلية، تأتي عقب احتلال أمريكي طويل أنهك العراق وغير وجهه وأيقظ الفتن النائمة فيه، لنرى ميليشيات متنوعة الأسماء والأهداف والانتماءات خلقت على أرض غير صلبة لتتحرك الرمال من تحتها فتزلزل العراق بأكملة وتزلزل العالم معه؛ نظرا لما يتمع به العراق من أهمية استراتيجية عربية وإقليمية ودولية. وعقب كل هذه التطورات السريعة الناتجة عن التراكمات وجدت الأطياف العراقية نفسها بلا غطاء في ظل الحكومة الحالية التي باتت على ما يبدو غير قادرة على حماية هذه الأطياف وإعطاء كل ذي حق حقه، فلجأت هذه الأطياف إلى حمل السلاح مجددا لحماية مصالحها ووجودها المهدد بالاندثار والتغييب، الأمر الذي أشعل العراق منذ عدة أسابيع بأزمة خطيرة. إن الأزمة التي يعيش العراق على وقعها ربما تطال عددا آخر من الدول إذا لم يتحرك المجتمع الدولي بسرعة لوضع الحلول الناجعة لكل العراقيين، فالعالم لا ينظر إلى العراق كدولة يهددها مسلحون أو ميليشيات، بل ينظرون إليها كبلد ظهرت فيه مجموعات إرهابية تريد السيطرة على دولة تملك ثروات نفطية، ما يشكل خطرا جسيما ليس على العراق فحسب، بل على المنطقة والعالم بأكمله. إن حكومة تتدارك الأخطاء السابقة وتحظى بقبول واسع للأطياف العراقية من شأنها أن تسهم في تحجيم الدور الخطير الذي تسعى المجموعات المسلحة للقيام به، فمن المجدي أن تكون للعراقين بجميع أطيافهم واتجاهاتهم، حكومة تجد كل الأطراف نفسها ممثلة وبأحقية فيها، كمفتاح لحل الأزمة والقضاء على المجموعات المسلحة بقوة موحدة وليس بقوى متفرقة أو باستدعاء عمل عسكري أجنبي. إن حكومة تمثل كل العراقيين ستتمكن من تدارك الأخطاء الحالية لحكومة المالكي التي تسلب بعض الأطياف حقوقها المشروعة في المشاركة بالحياة السياسية، كما من شأن مثل هذه الحكومة أن تسهم في تحجيم الدور الخطير الذي تسعى المجموعات المسلحة القيام به، والذي بدأته فعلا بفرض سيطرتها على عدد من المدن الكبرى والاستراتيجية في العراق وتهدد بالتوجه إلى بغداد، بما فيها التنظيم الإرهابي داعش الذي بات يهدد المبادئ والقيم الإسلامية ولا يراعي الحفاظ على حرمة كل الدماء والأموال والأعراض. إن الواقع الجديد الذي يتوجه إليه العراق يتطلب من كل العراقيين الشرفاء وضرورة الصمود أمام خطر الفتنة الطائفية البغيضة التي أيقظها الاحتلال الأمريكي وماتزال تسرح على الأرض العراقية؛ لأنها وجدت تربة خصبة في غياب الحكومة التي تمثل كل العراقيين، وتعمل على إيقاف الاقتتال والبدء بالمصالحة الشاملة على أسس عادلة، وتحفظ حقوق العراقيين كافة دون استثناء.