14 سبتمبر 2025

تسجيل

قضية الإبداع والمتهم فيها "مبدع"

21 يونيو 2011

لنمط الحياة السريعة سلبيات وإيجابيات، حاله حال الكثير من أمور الحياة التي نعيشها ونقوم بها، إما لأننا نحتاج إلى القيام بها، وإما لأنها إجبارية لا يمكن تجاهلها وإن سعينا إلى ذلك عمداً وقصداً، والحق أن الإيجابيات تخرج من رحم السلبيات، والسوي منا هو من يدرك ذلك، فلا يتذمر كل الوقت من السلبيات التي تطل عليه بين الحين والآخر، وإن سببت لنفسه الكثير من الخدوش، لأنها ـ أي تلك الخدوش ـ ستكسبه وفي كل مرة قوة ستزيده صلابة، لتمكنه من مواجهة ما قد يواجهه من سلبيات بعد ذلك. بالنسبة لي فإن السلبيات التي يفرزها نمط الحياة السريعة التي نعيشها هي تلك التي تنسكب كلها في قالب واحد يدعى (امتزاج الأحداث)، فالحاصل أن كل ما نقوم به ينسكب ويُمزج في ذاك القالب، فنجد أننا نجهل متى فعلنا ماذا؟ ولا ندرك ذلك حينها، بل حين نتفرغ ونحبس أنفاس العمل ليمتنع ويمنعنا عنه، ونقرر التركيز في ذاك الذي سبق وأن قدمناه، ولكننا نُصدم بحقيقة أننا لا ندرك أياً من تلك الأمور التي قمنا بها، والمصيبة الأكبر تكون حين نقرر التفرغ بين الحين والآخر لمعرفة ما كان منا، ولكننا نضيع وسط جملة الأمور التي قمنا بها وحققناها، لذا أعتقد بأن هناك الكثير ممن يعانون من هذه الحقيقة التي ـ وإن تجاهلناها ـ ستظل موجودة، ولها حيز من واقعنا، ولعلها ما تسبب الإرباك للكثير بقدر ما تسببه لي أحياناً، وعليه فلقد فكرت بفكرة كتابتها في شكل أسئلة اعتدت وضعها بين الحين والآخر، كي أتمكن من معرفة ما يدور حولي في هذه الحياة، ومن تلك الأسئلة التي أحببت الوقوف عليها معكم ولكم: 1 — لماذا يعاني المبدع في طريقه إلى الوصول دون أن يجد من يخلص بالوقوف إلى جانبه؟ ولكنه ومتى وصل وجد الجميع وهم فخورون به وبكل ما قدمه، ليتحول ذاك العمل الفردي إلى جماعي وباسم الجميع بعد أن كان له وحده، وثمار جهده دون غيره من الناس؟ والسؤال الذي سيخرج الآن: أين كنتم حين كان المبدع في أمس الحاجة إليكم؟ أم إن نجاحه الساحق شرط الاهتمام به؟ والالتفات إليه؟ 2 — لماذا يعتمد بعض الكُتاب على التواصل الإلكتروني والتواري وراء الأسماء المستعارة للتواصل العقيم مع أقرانهم، بدلاً من التواجه للتواصل الصحيح والسليم، والتعرف إلى حقيقة ما يملكونه وما يتمتعون به؟ وهل سيُسقط ذاك التواصل المباشر والصريح منهم شيئاً؟ أم إنه يكون فقط لتفادي المواقف المحرجة؟ لحظة تنكر الجهة المقابلة لهذا النوع من التواصل؟ 3 — لماذا يُكللنا الخوف دوماً من التقرب أكثر؟ ونكتفي بفتات ما يصلنا من الحقائق التي ولربما لا تعكس حقيقة الحقيقة أصلاً؟ وهل سياسة الحكم عن بعد فعلاً ناجحة؟ بل هل الحصول على رائحة ثمارها كافية دون محاولة التقرب منها تلك الثمار لتناولها فعلاً؟ لقد كانت تلك الأسئلة وغيرها الكثير الكثير مما خرجت به من جوف جملة الأمور التي عشتها الفترة الماضية، خاصة أن عملي في المجال الصحفي قد صار أكثر عمقاً من ذي قبل، فأخذني من السطح إلى الأعماق، لأدرس حقيقة المبدع في بعض المجالات، وأدرك معاناته التي لن يفهمها إلا من يقاسمه مفهوم الإبداع الحقيقي. لقد خَلق ذاك التواجد مع المبدعين وبينهم رابطاً وطيداً، فهم يتألمون من قضية أزلية كانت وما زالت وستظل، قضية (التجاهل) لِكَمِّ الإبداع الذي يمتلكونه، (التجاهل) لهوية المبدع، (التجاهل) لضرورة التواصل ومعرفة الجديد، والأخذ بيد من يحتاج لتلك المساندة والمساعدة، وو.. للحديث بقية. من جديد راسلوني بالجديد: [email protected]