14 سبتمبر 2025
تسجيلفي السابق كان التواصل مع الآخرين أشبه بالمهمة المستحيلة، التي تجعل الأمر يبدو صعباً للغاية؛ لذا وفي سبيل المحافظة على الصداقات التي تُنعش الروح، كان المرء يقبل بخيارين لا ثالث لهما، فإما أن يتمسك بتلك الصداقات ويلتزم بابتكار وسائل تُعينه على التواصل ومن ثم التلاحم مع من يحب، وإما أن ينسى أمرها ويمضي في سبيله إلى أن تجمعه الظروف بمن يريد، ثم وبفضل ما فرضه عليه التطور فلقد تقدم ووصل لمرحلة تقريب البعيد بوسائل حديثة تمكنت من القضاء على تلك الصعوبة التي وقفت ولعقود أمام ضرورة التواصل وبشكلٍ جعلها مهزوزة لا قدرة لها على الثبات، الأمر الذي قضى على الخيار الثاني، وصار معه أكثر خجلاً وأقل قدرة على الصمود أمام تجاهل ذاك التواصل ومن يقف من خلفه في الطرف المقابل، والدليل أننا صرنا بـ (كبسة زر) ننتقل إلى عالم آخر يجمع فيه كل الأصدقاء الذين سبق لنا وأن التقينا بهم وجمعتنا بهم تلك الظروف التي خرجنا منها ونحن أصدقاء، ولكم هي حاجة المرء شديدة لوجود من يمكن بأن يمنحهم هذا المُسمى، الذي لا يليق إلا بمن تتوافر بهم الشروط التي تميزهم عن غيرهم، وتسمح لهم بالفوز بتلك المكانة، وبعيداً عن التعمق والإبحار في تلك الشروط، فإنه ومن الضروري بأن نعرف أن إيجاد تلك الصداقات القديمة بالبحث في الصفحات القديمة يُضيف على الحياة رونقاً جميلاً يجعلنا ننتعش، فالمرور على كل ما تجمعنا بهم من ذكريات يُثير الأمل في النفوس، ويُعطيها دفعة قوية لربما نحتاج إليها بين الحين والآخر، وتحديداً حين تقتحم حياتنا الرتابة، ونتحول معها لمجرد أحياء نأتي ونذهب ونحن نُكرر ذلك، وكأننا نفعل فقط؛ كي نتذكر تلك الحقيقة، التي لن نستمتع بها طالما أننا نعاني فراغاً لن يسده سواه وجود الأصدقاء الذين يدركون عنا ما نغفله نحن. في حياة كل واحد منا صداقات حقيقية مجرد أن نُقلب صفحتها ولأي سبب من الأسباب تغمرنا ابتسامة سحرية، تُذيب كل ما بالقلب من أحزان، تخجل من مجرد المثول أمامنا في تلك اللحظة، التي ستجمع من حولها أجمل اللحظات التي قضيناها معاً، وأنا على يقين أن من يقرأ هذه الكلمات -ويملك صديقاً عزيزاً جمعته به الحياة ومن ثم فرقته-سيبتسم وسيُقلب شريط ذكرياته بحثاً عن شيء يُسعده، ويستطيع انتشاله من عالم مليء بالالتزامات، ولا يعرف سوى لغة العمل، التي ستفقد قيمتها أمام لغة أجمل ألا وهي (لغة الأمل)، التي لا ولن يُخاطبنا بها سواهم الأصدقاء. لقد صار التواصل سهلاً في وقتنا الحالي، والبحث ومن ثم إيجاد من نريد خطوات هينة لا حق لها بالتواجد، مما يعني أننا بحاجة من وقت لآخر إلى إيجاد تلك الصداقات الرائعة، التي نجد من خلالها من يُشاركنا لحظاتنا، من يحبنا دون مقابل، من يتقاسم معنا همومنا، التي نعجز عن شرحها لسواهم، وغيرها من الأمور التي تجعلنا نتشبث بمن يأتي من ذاك الزمن الجميل؛ كي يُحول الحياة لصفحة أجمل بكثير، وبما أن الحديث عن تلك الصداقات وما لها من تأثير إيجابي علينا، فلاشك أن الزاوية الثالثة وكما جرت العادة ستحرص على تسليط الضوء على هذا الموضوع؛ بحثاً عن تقديم الأفضل، وحرصاً منها على التأكيد عليه، وعليه إليكم ما هو لكم أصلاً. من همسات الزاوية لاشك أن الحياة ستجرفك بعيداً مع التزامات لربما لا تروقك فكرة الالتزام بها، ولكنك تصبح مُجبراً عليها، ولا مفر لك منها؛ لتجدها من أمامك في كل وقت وحين، الأمر الذي سيجعلك تسأم ما تعيشه، وتحاول التملص من الوضع وبأي شكلٍ من الأشكال، وهو ما سيبدو مستحيلاً مع من يتمتع بقدر من المسؤولية لتقف ومن بعد أمام مشكلة خطيرة، ألا وهي البحث عن الطريقة التي تُمكنك من إنجاز كل ما عليك مع تجديد لابد وأن يكون لك ولكن دون أن تبرح مكانك، وهو ما يمكنك تحقيقه وبسهولة بالعودة لصداقات قديمة سبق لك وأن لمست فيها صُحبة طيبة، ورفقة صالحة تُعينك على مصاعب الحياة بما يُرضي الله، فإن فعلت ووجدتها فعلاً فتمسك بها؛ لأنها ستُقدم لك الكثير إن شاء الله، وحتى يكون لك ذلك نسأل الله التوفيق للجميع.