14 سبتمبر 2025
تسجيلالشاعر السوري المغترب محمد بيجو، كتب في صفحته في موقع التواصل الاجتماعي " فيس بوك": " لا جديد غير خط أسود / على زوايا صورنا ".، مشيراً إلى موسم الموت الخصب المقيم في بلادنا، فمنذ سنتين وعدّاد الشهداء يدور بلا توقّف، صرنا أرقاماً على الشاشات تقفز من طور إلى طور، وها نحن دخلنا إلى الرتبة السابعة ببلوغ أعداد الشهداء قرابة مائة ألف شهيد. محمد بيجو الشاعر الكردي الرقيق يألف الموت ويكتب عنه ككردي: " الأكراد يموتون في آذار / أرواحهم ربيع السماء". وكسوري أيضاً: " عليكم بالوضوء ثم الصلاة إذا أردتم التيمم بتراب سوريا "، يعيش هويته منسجماً مع ذاته، في منطقة تشهد موزاييكاً ديمغرافياً وديعاً، بلغت الألفة بين مكوناته ما يصل إلى حدّ الحكايات رغم التصعيد الإيديولوجي في السنوات الأخيرة. وتشهد مدارسها وأسواقها ومشافيها عيادات أطبائها ودوائر العمل فيها تناغماً عجيباً بين شرائح اجتماعية مختلفة، فقد يكون المعلم كردياً والطلاب سرياناً أو عرباً، وقد يكون الطبيب سريانياً ومرضاه العرب والأكراد ينتظرون بالعشرات، والعكس واردٌ أيضاً، ولعلّ من شهد أصحاب سيارات النقل الخاصة العرب ينقلون العائلات الكردية في أعياد النيروز، أو من شاهد المعلمين المسلمين يباركون لزملائهم النصارى أعياد الميلاد، والعكس واردٌ كذلك. يروي لي الكاتب والصديق عصام حوج عن حادثتين فريدتين عام 2004 في أثناء أحداث القامشلي على خلفية مباراة كرة قدم بين فريق الفتوة " الديري" وفريق الجهاد من القامشلي ومعظم لاعبيه من الأكراد، وذلك على خلفية احتلال العراق، قال لي: كان هناك طالبات كرديات يدرسن في الحسكة حمتهنّ أسرة ديرية وأوصلتهنّ سالماتٍ إلى ذويهن، وفي المقابل كانت هناك أسرة ديرية في القامشلي وسط حيّ كردي حماهم جيرانهم ولم يصابوا بأي سوء في ذروة الغضب الشعبي، ولعلّ حكاياتٍ أخرى أيضاً قد طُمست في ظلّ التصعيد والتطرف الذي تشهده سورية، فقد قرأنا حكايات مماثلة في حمص بين العلويين والسنّة، قبل أن يلتهم التطرف والدماء النازفة كلّ حكايات المحبة. في عام 1998 فزت بجائزة عبدالوهاب البياتي وكان هذا إنجازاً يضاف إلى بلدي سورية وإلى مدينتي القامشلي التي أعادت الكرّة عبر صديقي أديب حسن محمد، وفي لفتة رائعة احتفل بي المركز الثقافي في المدينة وكان قارئو تلك الإطراءات النقدية من أصدقائي الأكراد. في الوقت الذي نؤطر صور شهدائنا بخطوط سوداء في زواياها، ونرمي التحية لأصدقائنا الذي تناثروا في المنافي، ومنهم محمد بيجو، فكلنا أمل أن تظل صورة المحبة، وصورة البلاد دون شريط أسود.