29 أكتوبر 2025
تسجيلنشعر أحياناً بأننا قد فرغنا من كل شيء، ولا نملك ما نقدمه للآخرين، ويغلب علينا ذاك الشعور حين تصارعنا تلك الحقيقة وتغلبنا، وهي أن الحياة دائرة فارغة لا تمتلك جديداً، غير أنها ليست كذلك، وإن كانت تحمل في جوفها ما يمكن أن نصدق أنه يفعل؛ لأنه ما سوف يأخذنا إلى نصف الحقيقة وهي أن الحياة فعلاً دائرة من حيث انها تبدأ من نقطة نعود إليها من جديد؛ لنعيش المواقف مرات ومرات؛ لتبدو وكأنها هي ذاتها، دون أن يطرأ عليها أي تغيير؛ لأنه ما لا يمكن أن يكون لنا حتى نخرج منها بالدروس التي نحتاجها؛ لندرك بها الصواب من الخطأ، ولنعرف كيفية تصحيح ذاك الأخير؛ لتجنب الوقوع فيه من جديد، مما يعني أننا نعيش كل ما تقدمه لنا الحياة، ولكن بمحاولات مختلفة كل مرة، والتغيير الذي يطرأ على الأمر، هو أننا نتغير في كل مواجهة لنا وتلك المواقف. كثيراً ما نلاحظ أننا نعيش مجموعة من المواقف التي تتسابق عليها الأقلام؛ لتتناولها ومن ثم تقدمها بنهكة خاصة تميز أصحابها أمام المجتمع الذي تُقدم فيه وعلى من يتضمنه؛ لينتشر الأمر بيننا حتى يجود منا من سيجود بسؤاله هذا: ما جديد هذا الموقف لتتناوله الأقلام ويُقدم مراراً وتكراراً؟ لتخرج له هذه الإجابة البسيطة: لا يتعلق الأمر على رقبة ما تتناوله الأقلام، ولكن على رقبة المتلقي، وكيفية تلقيه للمُقدم، ومن ثم قدرته على المعالجة التي ستغير من وضع الأمور؛ لتصبح على الشكل الذي يريده، وبالمقاسات التي يطمح إليها؛ كي تغطي كل جوانب النقص التي تفرض المعاناة ما لم تجد لها ما يغطيها ويُحكم فعل ذلك فعلاً. للأسف ولكن مازال بيننا من يبحث عما يواكب عصره من أحداث لابد أن تقع على رأس الواقع؛ لتحصد لنفسها مكانة فيه، تأخذ من تفكيره حيزاً لا بأس به، وهو ما ستفعله؛ لتجبره على تجاهل حقيقة أن الإنسان هو الحدث الأهم والأكبر، والهدف الذي يشغل بال كل عاقل، بحكم أنه مصدر التعاسة والسعادة التي تحتاجها الحياة؛ لتظل كذلك. كثيرة هي الأحداث التي تنجبها الأيام والساعات، وترتفع بمعدل يثير خوف الخوف نفسه، ويعبث بقلق القلق الذي يتضخم مع تلك الأحداث التي تقفز على الساحة، ولكنها وفي حقيقة الأمر لا تفعل، ولا تأخذ ذاك الحجم الذي تظهر به إلا حين نسمح لها بذلك، من خلال تجاهلنا لأهم عناصر الحياة ألا وهو (الإنسان)، أو من خلال جهلنا الذي يسمح للبعض منا بأن يقف أمام من يسعى إلى غرس (ثقافة حب الإنسان والاهتمام الجدي به قلباً وقالباً)؛ لبثها ومن ثم نشرها للجميع، والحق أن المجموعة الأولى وإن كانت تجهل قيمة هذا الإنسان؛ لتضعه على الرف بعيداً عن المشروعات الإصلاحية التي تهتم به وبأمره؛ لتنهض به كفرد تحتاجه الجماعة، إلا أنها أفضل وأقل ضرراً من تلك التي تدرك قيمة المشروعات الإصلاحية التي تهتم به، وتسعى إلى مساعدته على التصالح مع ذاته؛ للنهوض بها، ومن ثم السعي نحو توفير كل متطلبات حياته، التي تبدأ بسيطة وتعظم متى توافرت له الفرص الحقيقية، ولكنها وللأسف تجد من يقف من أمامها؛ تلبية لمصالح شخصية تفوح منها (عفونة) الأنانية المطلقة، التي لا تسمح إلا بما تريده فقط. وماذا بعد؟ إن المطالبة بكتابة تواكب الأحداث، تتطلب إدراكاً لأهمها ألا وهو الإنسان الذي لابد أن يُعمر داخلياً؛ كي يُعمر ما حوله دون أن يدمره، وعليه فلنأخذ بيده ونقف معه؛ ليسير نحو أحلامه التي يسعى إلى تحقيقها، دون أن يظل الأمر في حيز الحلم الذي لا يتجرأ على الواقع أبداً، ونسأل الله أن يسهل ذلك فعلاً، فتأخذ مشروعات تطوير الإنسان وإصلاحه حقها وبحق حتى نشهد نهضة إنسانية لا تُنسى وبإذن الله تعالى.