11 سبتمبر 2025
تسجيلمن آيات الله تعالى العظيمة إنزاله المطر بقدرته بين برق ورعد ليحي به موات الأرض، ويرد به شوارد الأنفس قال تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمْ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِ بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}(الروم: 24) وأيا كان سب البرق هل هو من انطلاق شرارة كهربائية بين سحابتين محملتين بالكهرباء، أو بين سحابة وجسم أرضي كقمة جبل مثلاً مما ينشأ عنها تفريغ في الهواء يتمثل في الرعد الذي يعقب البرق، فإن القرآن الكريم لا يتوقف عند تلك الظواهر أو العلل، وإنما يتخذ من الظاهرة أداة ليصل القلب بالرب. ولذا نجد النبي صلى الله عليه وسلم يوجه الأمة إلى طريقة التعامل مع تلك الظواهر فقد روى البخاري عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى مخيلة في السماء أقبل وأدبر ودخل وخرج وتغير وجهه، فإذا أمطرت السماء سُرِّي عنه فعَرَّفته عائشةُ ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(ما أدري لعله كما قال قوم عاد {فلما رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم}. هكذا أراد النبي أن يذكر أمته بنبي الله هود وإنذاره قومه بالأحقاف، ليذكرهم ويذكر المشركين في مكة بمصير الغابرين من زملائهم وأمثالهم، وقد كانوا على مقربة منهم. أنذر نبي الله هود قومه الذين عاشوا النعيم والسؤدد دون أن يشكروا المنهم، أنذرهم بالعذاب الأليم لكنهم ظلوا في طغاينهم يعمهون، استخفوا بهود وقالوا له ( أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) تبجح ظاهر، واستكبار واضح، وغرور بنعم لا يملكونها بل هي محض فضل الله عليهم، فلما استحقوا العذاب أرسل الله عليهم الحر الشديد، وحبس عنهم المطر، ودخن الجو حولهم من الحر والجفاف. ثم ساق الله إليهم سحابة، ففرحوا بها فرحاً شديداً، وخرجوا يستقبلونها في الأودية، وهم يحسبون فيها الماء (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا ) غرورهم بعد كل ما ابتلوا به لا يزال قائما، فظنوا العذاب بقية النعم التي هي حقهم من دون الناس، فكان الجواب ( بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ* تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ). لهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى ناشئًا من أفق من آفاق السماء ترك عمله وإن كان في صلاته، ثم يقول: (اللهم إني أعوذ بك من شر ما فيه)، فإن كشفه الله (حمد الله) وإن مطرت قال: (اللهم صيبًا نافعًا).