16 سبتمبر 2025
تسجيلهي مسيرةٌ عاشتْها بلادُنا منذ تأسيسها في 18 ديسمبر 1878م، على يدِ الـمُؤسِّسِ؛ الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني، وفي كلِّ مرحلةٍ منها إنجازٌ يخاطبُ به الإنسانُ القطريُّ العالَمَ بتَـمَدُّنِـه وتَحَضُّرِهِ وكفاءتِـهِ. ويشاءُ اللهُ أنْ تحتضنَ روحُ الـمؤسِّسِ إنجازاتِ الأحفادِ فيكونُ احتفالُنا باليومِ الوطني لسنةِ 2022م هو موعدُ إقامةِ آخرِ مباراةٍ في مونديالِ القدمِ الذي تَشَـرَّفَتْ بلادُنا بتنظيمِـهِ نيابةً عن أمَّتَيْها العربيةِ والإسلاميةِ. كنتُ، ولم أزلْ، موقناً بأنَّ التاريخَ لا يسيرُ إلى الوراءِ، وأنَّ الـماضي له دورٌ جزئيٌّ في بناءِ الحاضرِ والـمستقبلِ، لكنني أؤمنُ إيماناً مُطلقاً بأنَّ الله تعالى اسْتَخْلَفَنا في الأرضِ لنعملَ ونبني ونُجَـدِّدَ ولا نكونُ إلا مُسْهِمينَ في مسيرةِ البشريةِ، وهو ما أثبتَتْـهُ بلادُنا، قيادةً حكيمةً وشعباً حياً، منذ منتصفِ التسعينياتِ، حيث شهدْنا بدايةَ الانتقالِ للدولة ذاتِ الـمجتمعِ الـمدنيِّ التي لا تقفُ عند ماضيها بل تُشَـيِّدُ صروحَ مستقبلِها الـمرتكزِ إلى روحِهِ الأخلاقيةِ الإنسانيةِ، فكانتِ الإنجازاتُ في التعليمِ والاقتصادِ والرياضةِ واجهاتٍ نرسمُ من خلالِها ملامحَه. وكم رائع أننا عشنا بعضاً منها ونعيشُ ونعملُ لتحقيقِ الأُخرياتِ وصولاً إلى رؤيتِـنا الوطنيةِ لسنة 2030م.سنواتٌ مضتْ، شَهِدْنا خلالَها كيف تُقادُ بلادُنا بحكمةٍ، وتتغلبُ الرؤيةُ السياسيةُ الـمُتكاملةُ لسموِّ الأميرِ الـمُفدى على الـمُعَوِّقاتِ، وتكسرُ صلابةُ بُنانا الاجتماعيةِ الأخلاقيةِ حَملاتِ الـمُغرضينَ الذين ظَنُّوا أنهم قادرون على تعطيلِ مساعينا لتنظيمِ الـمونديالِ، والتأثيرِ في قرارِنا السياسيِّ، فخابَ ظَنُّـهُم واستمرتْ الـمسيرةُ بقوةٍ أكبرَ بقيادةِ سموِّ الأميرِ، وفي ظلِّ إيمانِـهِ بكفاءةِ شعبِـهِ وحَيَـوِيَّتِـهِ. وهو أمرٌ لابدَّ من قراءتِـهِ بحرصٍ وتَمَـعُّنٍ لأنَّـهُ أرسى قواعدَ التعامُلِ السياسيِّ مع جميعِ القضايا على ركائزَ من التعاطي الهادئ مع الحَـدَثِ، والابتعادِ عن الـمهاتراتِ، والاستنادِ إلى الواقعِ كما هو وليس كما يُفْـتَـرَضُ أنْ يكونَ، مع التأكيدِ على الروحِ الأخلاقيةِ الإسلاميةِ العربيةِ في ذلك كلِّـهِ، مما أضفى مصداقيةً على سياساتِنا الداخليةِ والخارجيةِ، واحتراماً لدورِنا الفاعلِ الـمؤثِّرِ في مُحِـيْـطَيْنا العربيِّ والدوليِّ.سنةُ 2022م، ليست كسواها، لأنَّ بلادَنا ستختصرُ العالَمَ فيها، وستكون محطَّ أنظارِهِ طوالَ فترةِ انعقادِ الـمونديالِ وبعدَها، ونتمنى من اللجنةِ العليا للمشاريعِ والإرثِ الإعدادَ منذ اليوم لاحتفالِـنا بالذكرى الـمائةِ والأربعةِ والأربعينَ لليومِ الوطنيِّ فيها ليكونَ رسالة كلماتُها حضارةُ قطرَ، وعباراتُها انتماؤها الإسلاميُّ والعربيُّ، وأسْطُرُها التَّمَـدُّنُ وأنوارُ الـمعرفةِ. فهذه مناسبةٌ تأتي مرةً واحدةً في تلك الصورةِ التي يلتقي فيها التاريخُ الـمجيدُ بالحاضرِ الـمُشرقِ ليصنعا نقطةَ انطلاقٍ نحو مستقبلٍ سيكون رائعاً وتزهو فيه بلادُنا بقيادتِها وشعبِها وإنجازاتِها.كلمةٌ أخيرةٌ:بلادُنا قامةٌ شامخةٌ بسموِّ الأميرِ الـمفدى، وشعبِـهِ الـمُبدعِ الذي يلتفُّ حولَ رؤاهُ مَزهواً بالإنجازاتِ، مُتَطَلِّعاً إلى الـمزيدِ منها، إن شاء الله.