12 سبتمبر 2025

تسجيل

مع أحكام المولود

21 مارس 2013

رزقت مولودا بعد طول انتظار وكبير عناء.. رزقها الله ولدا فأرادت أن تعق عنه لتحيي السنة من جهة، وأملا أن يكون مولودها الصغير منارة يستدل به على الإسلام لكنها فوجئت كما تقول رسالتها أن أخاها الأصغر فاجأها بقوله: العقيقة ليست سنة وهي من هدي أهل الكتاب والنبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن العقيقة قال: لا أحب العقوق". والحسن بن علي لما ولد أرادت أمه فاطمة أن تعق عنه بكبشين فقال رسول الله لا تعقي ولكن احلقي شعر رأسه فتصدقي بوزنه من الورق ثم ولد حسين بعد ذلك فصنعت مثل ذلك. وتسأل الأخت الكريمة هل هذا الكلام صحيحا، ثم رجت في خاتمة رسالتها أن نتحدث قليلا عن هذه السنة المباركة. فنقول بداية شكر الله لأختنا الكريمة حرصها على إحياء السنة من جانب، وأملها في ولدها من جانب آخر إذ الأصل أن يتمنى المرء لولده صلاح دينه ودنياه وأن يسعى جاهدا في ذلك. أما حديثها عن العقيقة ومقالة أخوها لها فتلك مشكلة ضخمة نعاني منها نحن أمة الإسلام بصفة خاصة، وهي سطحية التفكير وعدم وجود مرجعية علمية يرجع إليها في الأمور الدينية عند بعض جماهير المسلمين، فأضحى البعض يصدرون كثيرا من الأقوال دون الرجوع إلى كلام أهل العلم لتبيانها لهم، وهذا نهج مخالف للنهج الذي ربانا المصطفى عليه، روى الإمام أحمد عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: لقد جلست أنا وأخي مجلسا ما أحب أن لي به حُمر النَّعم، أقبلت أنا وأخي وإذا مشيخة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على باب من أبوابه، فكرهنا أن نفرق بينهم، فجلسنا حَجْرَة (أي ناحية) إذ ذكروا آية من القرآن، فتماروا فيها حتى ارتفعت أصواتهم، فخرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مُغْضَبًا حتى احمر وجهه، يرميهم بالتراب، ويقول: "مهلا يا قوم، بهذا أهلكت الأمم من قبلكم باختلافهم على أنبيائهم، وضربهم الكتب بعضها ببعض، إن القرآن لم ينزل يكذب بعضه بعضا، بل يصدّق بعضه بعضا، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمِه". وهذا هو المنهج الواضحة معالمه التي يبنغى لنا السير عليه " ما جهلتم منه فردوه إلى عالمه، وحتى لا نتفرع في جزئيات لا يتحملها المقال دعونا نرجع إلى أقوال أهل العلم متلمسين طرق الهداية. أولا: جماهير أهل العلم أن العقيقة سنة مؤكدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال مالك هذا الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا وقال يحيى بن سعيد الأنصاري أدركت الناس وما يدعون العقيقة عن الغلام والجارية وقال ابن المنذر وذلك أمر معمول به بالحجاز قديما وحديثا يستعمله العلماء وذكر مالك أنه الأمر الذي لا اختلاف فيه عندهم. أما ما استدل به الأخ الكريم فلا حجة فيه البتة على نحو ما يأتي: الحديث الأول هو في موطأ مالك ومسند أحمد ومصنف ابن أبي شيبة والسنن الكبرى للبيهقي والمستدرك للحاكم وغيرهم، ولو كلف الأخ نفسه فقرأه كاملا لتبين له مآل الحديث: " سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْعَقِيقَةِ فَقَالَ لَا أُحِبُّ الْعُقُوقَ وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا كَرِهَ الْاسْمَ وَقَالَ مَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ َمنْ وَلَدِهِ فَلْيَفْعَلْ. وإذا ثبتت السنة وجب القول بها ولم يضرها من عدل عنها قال وأنكر أصحاب الرأي أن تكون العقيقة سنة وخالفوا في ذلك الأخبار الكائنة عن رسول الله وعن أصحابه وعمن روي عنه ذلك من التابعين انتهى فأما أهل الحديث قاطبة وفقهاؤهم وجمهور أهل العلم فقالوا هي من سنة رسول الله واحتجوا على ذلك بما رواه البخاري في صحيحه عن سلمان بن عمار الضبي قال قال رسول الله مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دما وأميطوا عنه الأذى " وعن سمرة قال قال رسول الله "كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويسمى فيه ويحلق رأسه" رواه أهل السنن كلهم وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.. وعن عائشة قالت قال رسول الله عن الغلام "شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة" رواه الإمام أحمد والترمذي وقال حديث صحيح وفي لفظ أمرنا رسول الله أن نعق عن الجارية شاة وعن الغلام شاتين، وفي المقال القادم ان شاء الله سنذكر بعض الأحكام المتعلقة بها والله الموفق.