10 سبتمبر 2025

تسجيل

مصدر السعادة

21 فبراير 2023

لو سُئل جيل الألفية والأجيال التي تبعته: ماذا تريدون من هذه الحياة؟ لتوالت معظم الإجابات كالآتي: المال.. الشهرة.. الإنجاز.. السطوة.. القوة.. الجسم الرياضي.. وهكذا. قلة التي ستجاوب قائلة: السعادة! وقد يرد البعض عليّ قائلين: كل هذه الأمور تصل بالمرء إلى السعادة.. ولكن ذلك ليس صحيحاً في غالب الأوقات. مصدر السعادة أو سبب السعادة هو موضوع تناقله وتكلم عنه الجميع من الفلاسفة والأدباء وحتى العلماء وعامة الناس. الجميع لديه تصور حول السعادة، وقد عملت جامعة هارفرد دراسة راقبت فيها مجموعة من الرجال ومن ثم النساء لمدة تزيد على الثمانين سنة لتعرف أسباب السعادة. وفي هذه الدراسة، تمت مراقبة مجموعتين من الرجال، نصفهم من خريجي ومرتادي جامعة هارفرد والنصف الآخر من رجال بسيطين يسكنون في أفقر أحياء بوسطن. وعلى مر السنين بدأوا بمراقبة أبنائهم وأحفادهم وأبناء أحفادهم وهكذا.. من الرجال والنساء لتحديد سبب السعادة. وقد وجدوا أن سبب السعادة هو العلاقات الاجتماعية الثرية، وأقصد بالعلاقات الاجتماعية الثرية العلاقات التي تضيف معنى لحياة الإنسان.. العلاقات التي نكون فيها على طبيعتنا غير متصنعين لأمر ما أو صفة ليست فينا. هذه العلاقات الصحية التي قد تكون مع أفراد العائلة أو الأصدقاء، تجعلنا أسعد وتجعلنا نحيا لمدة أطول ونكبر بشكل أبطأ، بل إنها تجعل صحتنا الجسدية أفضل، لأن العلاقات الطيبة تخفف التوتر على المرء وتشعره بأنه على ما يرام. هذه الدراسة مستمرة حتى الآن وفق الدكتور روبرت والدنقر، ولكني أجزم بأن أسباب السعادة لن تحيد عن علاقات الإنسان الجيدة، فالإنسان منذ القدم يعيش مع الجماعة، ولا يحيا إلا معهم، وما أن تنبذه الجماعة حتى يموت أو تأكله الوحوش، الإنسان كائن اجتماعي، وجود العلاقات الاجتماعية في حياته يجعله حيا، وإن كانت هذه العلاقات الاجتماعية ثرية، فإنه سيعيش حياة أسعد وأطول. فابنوا علاقات اجتماعية ثرية وصحية وطيبة، فهي ما سيقودكم إلى السعادة دون أن تشعروا.