10 سبتمبر 2025
تسجيلعندما تكون (عفوياً) فهذا يعني أنك غير متكلف في إظهار نفسك، لأن العفوية تأتي من منطلقات ذاتية داخلية، وتصدر من المرء بانسيابيّة دون اعتبارات كثيرة لما يحاوطه في الخارج مما لا يشبهه. وفي الحقيقة فإنه من الجميل جداً أن تكون (عفوّياً) لاتتكلّف المحبّة ولا تتصّنع الود وأن تقلل الاعتبارات فلا تلبس ثوباً غير ثوبك، ولا تنتحل شخصية غير شخصيتك، ولا تعلن رأياً ما لست مؤمناً به تُشرق بحقيقتك ببساطة، وتُرخي دفاعاتك عن صورتك الوهميّة، تتواضع فلا تتكبر ولا تُكابر على أخطائك، تعترف ببساطة بنقصك وزلاّتك، تُقلل من حساباتك لما يجب أن يكون وكيف يكون ومتى يكون تُبادل الحب بحبٍ دون زيفٍ أو مجاملة، صادق الشعور ببراءةٍ بلا مكرٍ ولا مواربةٍ.. ولا يعني ذلك أن تكون (اعتباطيّاً) لا تُقيم وزناً للعقل والمنطق، أو أن تصدر تصرفاتك كيفما اتفق أينما ومع من كنت، أو أن تُلقي الكلام على عواهنه بلا تدبّر، أو تفيض بمشاعرك بلا حدٍ ولا اعتبار ! ولكن العفويّة تعني أن تحتفل بنقائك دون تصنّع ونفاق، تُبدي ما في نفسك بسلامة نيّة ونُبل شعور، بلا خبث وتملّق.. بفكرٍ مُتزن وعاطفة معتدلة. وكل ذلك يحتاج للدُّربة والمران، حتى لا تتحوّل عفويتك إلى (اعتباط) يُخوّلك لسوء المسلك مع الغير دون احترام، أو إلى (سذاجة) تتيح الفرصة لاستغلالك أو سوء فهمك من قِبل البعض! أو إلى (وقاحة) تدل على حمق أعيا من يداويه ! لذلك فالعفوية (فن) تتطلب المران والميزان، واتزان الفكر ونبل الإحساس، والاستقامة على صراط السلوك السوّي دون إخلال وهي بذلك سبيل للإشراق الجميل عن نورنا وبساطتنا، وسماح لجمال نفوسنا بالبزوغ، وإسفار عن صفاتنا الأصيلة، ومناقبنا التي يصعب إدراكها وسط المتشابهات من المسالك، وإعلان عن تفرّد الذات تقديراً وإجلالاً دون إنكار أو انسلاخ عن الجموع فيما يُناسب ويفيد. *لحظة إدراك: العفوية فن الإفصاح عن الذات الأصيلة، بنقاء يشبه فطرتها، وباتزان يحفظ كرامتها، وبظهور يزيد جمال تألقها، وبصفاء يعلن حقيقتها.