13 سبتمبر 2025
تسجيلالـمُقَـدِّماتُ تقودُ إلى النتائجِ و ليس العكسُ، فثلاثُ خساراتٍ متتالياتٍ ثم الخروجُ من البطولةِ الآسيويةِ ليسَ أمراً نمرُّ به مرورَ الكرامِ، ولكنه إشارةٌ إلى وجوبِ قراءةِ الحَدَثِ بموضوعيةٍ منْ جميعِ جوانبِـهِ، كالتالي: (1) أُوْلى الـملامحِ التي تُبَـيِّنُ قدراتِ الـمُدربينَ هي الانسجامُ النَّفسيُّ بين اللاعبينَ والذي ينعكسُ إيجاباً أوسلباً على أدائِـهِـم. وهو أمرٌ يرتبطُ بالاستقرارِ على تشكيلةٍ تُتيحُ استقراراً نفسياً لديهم، وتمنحُهُم فرصاً لاستثمارِ كفاءاتِ بعضِـهِم البعض خلالَ الَّلعبِ، وتُمَـكِّـنُهُم من الأداءِ بمستوًى فنيٍّ أعلى. إلا أنَّ بلماضي، رغم الفوزِ بكأسِ الخليجِ، لم يستقر على تشكيلةٍ للمنتخبِ، بل كانت اختياراتُهُ للاعبينَ في كأسِ آسيا موضعَ انتقادٍ، ولْـنَضربْ مثالين على ذلك هما مشعل عبدالله في خط الهجوم، ومحمد موسى الظهيرُ الـمُمَيَّزُ، الَّلذانِ بَـرَزا بأدائِهما، وأثبتا كفاءَتَـهُما في كأسِ الخليجِ، لكن الـمدربَ استبدلَ الأول بمونتاري فأثَّـرَ ذلك نفسياً وفنياً على خطِّ الهجومِ، والثاني بتريسور الذي بدا للجميعِ عدمُ كفاءتِـهِ وانسجامِهِ مع الفريقِ منذ الـمباراة الأولى مع الإماراتِ، ورغم ذلك استمرَّ في التشكيلة في الـمباراتينِ التاليتيينِ فصارَ عِـبئاً نفسياً وفنياً على اللاعبينَ. ولذلك فإنَّ محاولةُ الإيحاءِ بأنَّ التغييراتِ في التشكيلة هَدفُها إشراكُ الجميعِ وتأهيلُهم وإعدادُهم، لا تصحُّ ولا تستقيمُ معَ الواقعِ، لأنَّ عمليةَ الإعدادِ والتأهيلِ لا تكون مع لاعبينَ وصلوا إلى صفوفِ الـمنتخبِ الأولِ، وآنَ أوانُ قِطافِ ثمارِ مهاراتِهم وخبراتِهِم، وإنما يبدأ الإعدادُ في صفوفِ البراعمِ والناشئينَ في أنديتِـنا الرياضيةِ. وكانَ الأجدرُ أنْ يكونَ الحديثُ لكشفِ جوانبِ الخللِ وليس بحثاً عن تبريراتٍ لا تخدمُ الكرةَ القطريةَ. (2) الأمرُ الثاني الذي نلاحظُهُ هو وجودُ حالةٍ إيفرستويةٍ في التعاملِ مع بعضِ اللاعبين، نسبةً إلى إيفرستو مدربِ منتخبِنا في الثمانينياتِ، و هي حالةٌ تقومُ على الحزمِ وفَـرْضِ سُلطةِ الـمدربِ، لكنها، هنا، افتقرتْ إلى عنصرٍ إيفرستويٍّ هامٍّ هو الرؤيةُ، والقراءةُ للاعبينَ وقدراتِـهِـم، والتوظيف الـمناسب لهم. (3) نتساءَلُ، باستغرابٍ شديدٍ، عن الجهازِ الإداريِّ للمنتخبِ، ودورِهِ الغائبِ تماماً. فهو لم يتمكنْ منْ إخراجِ اللاعبينَ من الآثارِ النفسيةِ الناجمةِ عن خسارةِ منتخبِنا الأولى أمامَ نظيرِهِ الإماراتيِّ، ولم نلحظْ له حضوراً إعلامياً لابدَّ منه في مثلِ هذه البطولةِ القاريةِ كعنصرِ دَعْـمٍ نفسيٍّ للاعبين، بل وحتى كعنصرِ حَشْـدٍ جماهيريٍّ يُؤثِّرُ إيجاباً في الدَّعم النفسيِّ. (4) جزءٌ من الـمسؤوليةِ عن الإخفاقاتِ في كأسِ آسيا، يتحمَّلُهُ إعلامُنا الرياضيُّ الذي انشغلَ بصُـنْـعِ الهالةِ الـمُبالَغِ فيها بعد الفوزِ بكأسِ الخليجِ، مما جعلَ منَ التحليلِ الفنيِّ الـموضوعيِّ أمراً مستحيلاً. فبطولتا غربِ آسيا والخليجِ، كما نعرفُ جميعاً، بطولتان افتقرتا للمستوى الفنيِّ للمنتخباتِ الـمُشاركةِ فيهما، فلا يصحُّ البناءُ على نتائجِهِما، مهما كانتْ روعتُها، عند الحديثِ عن مشاركاتٍ مُسْتَقْـبَليةٍ لمنتخبِـنا، قارياً ودَولياً. كلمةٌ أخيرةٌ:تَفصلُنا سَـبْعُ سنواتٍ عن مونديالِ 2022م، وينبغي علينا، كإعلاميينَ ومحللينَ رياضيينَ، الـمُشاركةُ في إعدادِ منتخبِنا بجديةٍ ليُشاركَ فيه بمستوًى ممتازٍ يرتقي للحجمِ الضَّخْمِ لبلادِنا كدولةٍ مُنَظِّمَـةٍ استطاعتْ تحقيقَ إنجازٍ كبيرٍ دَولياً .